لعبة الموت

 

ان حدث نيوزيلندا الإرهابي ، والذي تسبب بمقتل ٤٩ إنسانا بريئا ذنبهم الوحيد انهم تواجدوا في الزمان والمكان المناسبين لمجرم معتوه ، قرر أن يعيش بنفسه مغامرة احد الألعاب الإلكترونية التي أصبحت صرعة العصر ومرض الجيل ..ويأخذ دور البطل الخارق المدجج بالسلاح الفتاك ، ليقضي  على من يعتبرهم بنظره الأشرار ، والذين يلطخون عالمه الخاص الذي صنعه لنفسه حيث لا يستحق ان يعيش فيه الا من يشبهه من العنصريين الفوقيين .. 

وبذلك فهو المقاتل النبيل الذي يقدم للانسانية شرف الخلاص .. والسعي نحو المدينة الفاضلة التي رسمها له عقله المريض .. و على الناس  أن يشكروه ويبجلوه  فهو المنقذ !!!!

وضع خطته بروية وتمعن ..مستعينا .. بأحد الألعاب البرمجية الإلكترونية، ومستمدا شخصيته من شخصية بطلة .. مقاتلة … وهمية افتراضي،  فأخذ وقته واستفاض .. واستمتع برسم مخططه على اكثر من ثمانين صفحة .. اعتبرها وثيقة بطولته التي ستصبح تاريخا يتعلمه الأطفال في المدارس ..وربما يتحول لأحد الأبطال المخلدين في لعبة إلكترونية .. مقدما للمبرمجين شخصية مقاتلة حقيقية  !!!

بدأ بتنفيذ الخطة بكل رباطة جأش وروية  على أنغام موسيقى حماسية .. واضعا كاميرا على رأسه ليسجل كل تفصيل بتفاخر واحتراف وكأنه يدخل الى شاشة الكمبيوتر ليعيش مغامرة حقيقية بتقنيات إلكترونية !!!

نعم لقد استخدم الرصاص الحي .. وانساب الدم الحي .. ومات ابرياء وأصبحت عائلات مفجوعة دون ادنى تبرير  … سوى الحقد الأعمى والعنصرية المقيتة!! .

انه عالم الألعاب المبرمجة التي تحول الناس الى مجرمين بمجرد تسويق فكرة القتل .. والتدمير .. !!

وأنا فكرت أبعد من ذلك !! نعم .. ماذا بعد !!!

بت اخاف على جيل بأكمله أصبح القتل بالنسبة له لعبة .. يلعبها كل يوم على النت ، والموت أصبح كلمة سهلة يستخدمها في العابه كما يستخدم كلمات الشتم والسب .. وحتى الدم أصبح منظرا مقبولا .. عاديا .. لم يعد له وقع التعاطف والحرص  !!

لعبة افتراضية ..موت حقيقي ..  سهل .. سريع .. مقبول .. بكبسة زر ..!!

أخاف على عقول تدجنها الأخبار الموجهة المسيسة .. واخاف على قلوب صغيرة يسيطر عليها الكره والانتقام والحقد.

اخاف على مستقبل عالمنا وحياتنا وأبنائنا .. وأتساءل كيف يمكننا ضبط هذه العوالم الافتراضية وضبط الأخلاق والقيم الانسانية ؟!؟ كيف يمكننا ضبط الألعاب الإلكترونية .. وحماية عقول أطفالنا من التلوث الافتراضي وحماية طفولتهم من الإجرام والقتل الافتراضي .

وكيف نمارس الحرية المسؤولة ، ونعالج الطائفية والعنصرية ونشفي الناس من الحقد .

فكرت أن أرفع دعوى ضد الألعاب الإلكترونية التي تشوه العقول و تحرض على استسهال القتل فهل أستطيع ؟!؟ أم أن حرية الأخر تمنعني من الحفاظ على عقول برئية يغزوها باسم الحرية الحقد والثأر و القتل؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى