تحليلات سياسيةسلايد

لماذا لا يُعلّق السيّد نصر الله على اتّفاقٍ ترسيم الحدود البحريّة اللبنانيّة؟

تُذكّرنا التصريحات المُتفائلة لمسؤولين لبنانيين بقُرب التوصّل إلى اتّفاقٍ ترسيم الحدود البحريّة مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي، وتكاثرت بشَكلٍ لافت بعد زيارة عاموس هوكشتاين المبعوث الأمريكي لبيروت يوم الجُمعة الماضي، تُذكّرنا بنظيراتها التي ظلّت تصدر عن المُتحدّثين الأوروبيين بقُرب التوصّل إلى اتّفاقٍ حول المِلف النووي الإيراني الأمريكي، طِوال الأشهر العشَرة الماضية، ونأمل أن يكون هذا التّفاؤل اللبناني في محلّه، وأن تَصدُق النّوايا الإسرائيليّة الأمريكيّة هذه المَرّة، لأنّ البديل هو الحرب.

السيّد عبد الله بوحبيب وزير الخارجيّة، وبعد لقائه بالسيّد نجيب ميقاتي، رئيس حُكومة تصريف الأعمال، أكّد أن هوكشتاين قدّم اقتراحات جديدة، وهُناك تقدّم ولم نصل إلى النّهاية بعد، وقال بوحبيب إن لبنان مُتَمَسِّكٌ بالخط 23 وبحقل قانا كامِلًا.

لا نعرف مضمون هذه المُقترحات الإسرائيليّة الجديدة مبعث التّفاؤل، ولكنّنا على ثقةٍ بأنّ السيّد حسن نصر الله أمين عام “حزب الله” على اطّلاعٍ عليها أوّل بأوّل، لأنّه هو صاحب الكلمة الأخيرة، ولأنّ مُسيّراته الأربع التي أرسلها إلى حقل كاريش اللبناني المُحتل قبل أسابيع هي التي أحدثت هذا الرّعب في صُفوف الإسرائيليين والأمريكيين معًا، ودفعت الجانبين لتقديم تنازلات، والتّعجيل بالتوصّل إلى اتّفاق.

السيّد نصر الله وإعلام المُقاومة يُراقب الموقف عن كثبٍ ويلتزم بالصّمت في الوقت نفسه، ويترك أمر المُفاوضات مع الوسيط الأمريكي للدّولة اللبنانيّة، ولكنّه صمتٌ لن يطول حتمًا إذا كان الهدف من الوِساطة الأمريكيّة هو كسب المزيد من الوقت، وإطالة أمَد المُفاوضات لما بعد الانتخابات الإسرائيليّة مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) المُقبل، والأُخرى التشريعيّة النصفيّة الأمريكيّة التي ستجرى بعد أُسبوعٍ منها.

ردّ “حزب الله” ومثلما قالَ السيّد نصر الله لن يكون بالتّهديدات، وإنّما بالصّواريخ والمُسيّرات، وربّما باقتحام مِنطقة الجليل في شِمال فِلسطين المُحتلّة وتحريرها.

النّقطة الأهم في تصريحات السيّد بوحبيب “المُتفائلة” تمثّلت في قوله نقلًا عن المبعوث هوكشتاين “إن الرئيس الأمريكي جو بايدن هاتف يائير لابيد رئيس الوزراء الإسرائيلي وطلب منه إتمام الاتّفاق بترسيم الحُدود هذا الشّهر أو الشّهر المُقبل”، ممّا يعني أنّ الإدارة الأمريكيّة تعلم جيّدًا أن السيّد نصر الله جادٌّ في تهديداته، ومُلتزمٌ بالهُدنة التي أعطاها للإسرائيليين التي تقترب من نهايتها في غُضون أيّامٍ معدودة، ويرى بايدن أنه ليس من الحكمة إشعال فتيل حرب إقليميّة في الشّرق الأوسط بينما ينشغل الغرب في حربٍ عالميّة في أوكرانيا.

تهديدات الجِنرال أفيف كوخافي رئيس الجيش الإسرائيلي بجعل لبنان و”حزب الله” يدفعان الثّمن، وسيتحمّلان العواقب، في حالِ المساس بسِيادة “بلاده” أو بأُصولها النفطيّة والغازيّة، تهديداتٌ فارغة، وادّعاءٌ كاذبٌ بالشّجاعة وجاءت لطمأنة الرّأي العام الإسرائيلي المذعور، فالجِنرال كوخافي يُدرك جيّدًا أن أكثر من 3000 صاروخ ومِئات المُسيّرات ستَهطُل مِثل المطر يوميًّا إن لم يكن أكثر على المُدُن الفِلسطينيّة المُحتلّة في حالِ اتّخذ السيّد نصر الله القرار ببدء الهُجوم، وضغط على الزّر الصّاروخي.

حُقول الغاز والنفط اللبنانيّة المُحتلّة في كاريش والمُربّع التّاسع وقانا تبدو على حافّة التحرير الكامل، سِلمًا أو حربًا، تمامًا مثلما جرى تحرير جنوب لبنان مطلع القرن الحالي بقُوّة المُقاومة، ولا نعتقد أن صمْت “حزب الله” الكلامي أو الصّاروخي سوف يطول، والمسألة مسألة أيّام معدودة.

 

صحيفة رأي اليوم الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى