ليبرمان يَتحدّث عن قواعد انطلاق لعمليّات “حماس″ و”الجِهاد” من جنوب لبنان

أكثر ما يُقلق حُكومة الاحتلال الإسرائيلي ومُؤسّستها الأمنيّة والعَسكريّة هذهِ الأيّام هو جَبهة جنوب لُبنان، وتَعاظُم قوّة “حزب الله”، وتَوثيق العلاقة العَسكريّة بَينه وبين حركة المُقاومة الإسلاميّة “حماس″.

صحيفة “هآرتس″ الإسرائيليّة نَقلتْ قبل يَومين عن مَسؤولٍ عَسكريٍّ قَوله أن إيران بِصَدد إقامة مصانِع للأسلحة الدَّقيقة والمُتطوّرة في الجَنوب اللبناني، في تَغييرٍ واضِح لاستراتيجيّتها، وربّما كبَديلٍ لتَجنُّب قَصفْ الطَّائِرات الإسرائيليّة لقوافِل الأسلحة الإيرانيّة عَبر الأراضي السوريّة إلى لُبنان.

قبل أسبوع، وأثناء زِيارته لإحدى المُستشفيات لتَفقّد جُنود إسرائيليين أُصيبوا أثناء اقتحام مَدينة جنين والقَبض على مُنفّذ عمليّة مَقتل الحاخام في مُستوطَنة قُرب نابلس، قال أفيغدور ليبرمان، وزير الحَرب الإسرائيلي، أن حركة “حماس″ تَسعى لبِناء وتَطوير بُنى تحتيّة في جنوب لُبنان لاستخدامِها كقاعدة لشَنْ هجماتٍ ضِد إسرائيل، لأنّها تُواجِه صُعوباتٍ كبيرة في شَنّها من قِطاع غزّة بسبب السُّور الإلكتروني، وتَدمير العَديد من الأنفاق.

لا نَعرِف مَدى دِقّة مَعلومات ليبرمان في هذا الخُصوص، ولكن ما باتَ مَعروفًا أن التَّنسيق بين حركة “حماس″ وقِيادة “حزب الله” اللُّبناني باتَت في ذَروتِها هذهِ الأيّام في المَجالات العَسكريّة، وتَبادُل المَعلومات.

مُنذ أن غادرت قُوّات المُقاومة الفِلسطينيّة لبنان إلى تونس وقبرص عام 1982، بمُقتضى اتّفاق جَرى التوصّل إليه بوساطة السناتور الأمريكي فيليب حبيب، لم تُنفّذ أي قوّات فِلسطينيّة عمليّاتٍ هُجوميّة ضِد دولة الاحتلال انطلاقًا من جنوب لبنان، وتولّت هذهِ المُهمّة المُقاومة الإسلاميّة اللبنانيّة (حزب الله)، حيث دشّنت وجودها بهُجوم ساحِق على قوّات المارينز الأمريكيّة عام 1983 أدّى إلى مَقتل 241 منهم في عمليّةٍ ضَخمة أجبرت أمريكا على الانسحاب من لبنان هَربًا.

التسريبات الإعلاميّة الإسرائيليّة تتحدّث في الأيّام الأخيرة عن تنسيقٍ غير مَسبوق بين “حزب الله” وحركة “حماس″ عبر “ضابِط الاتصال” السيد صالح العاروري، نائِب المكتب السِّياسي للحَركة، الذي باتَ الشخصيّة العَسكريّة الأقوى، والأكثر قُربًا من السيد حسن نصر الله، ومِن إيران التي زارها عِدّة مرّات في العامَين الماضيين، وحَظِي باستقبال لافِت من قِبَل المَسؤولين فيها، وخاصّةً قادَة الحَرسْ الثَّوري.

السيد العاروري مُهندس قَتل ثلاثة مُستوطنين يهود انتقامًا وثأرًا لمَقتل الشهيد الشاب محمد أبو خضير حَرقًا، ظَهر لأوّل مرّة في السّفارة الإيرانيّة في بيروت عام 2017، عندما التقى السيد حسين أمير عبد اللهيان، مَسؤول العلاقات الخارجيّة في البرلمان الإيراني، والسيد علي لاريجاني، نائِب رئيس البرلمان أيضًا.

حركة “حماس″، وحسب مصادر عليمة، باتت تتبنّى استراتيجيّة جديدة بتَفعيل المُقاومة في الضِّفة الغربيّة ابتداءً من مَقتل الحاخام الإسرائيلي في المُستوطنة القريبة من نابلس، واتّبعت أُسلوبًا جديدًا هو عدم الاعتراف بمَسؤوليّتها عن هذهِ العمليّات، ومن المُتوقّع أن تتزايد وَتيرتها في الأسابيع والاشهر المُقبِلة.

مُحاولة اغتيال السيد محمد حمدان المَعروف بلقب “أبو حمزة” في صيدا كان مِن تَدبير عُملاء لجِهاز “الموساد”، وربّما جاءت لتُؤشّر إلى حالة القَلق الإسرائيلي من عمليّات قادِمة لحركة “حماس″ انطلاقًا من جنوب لبنان، فالسيد حمدان الذي ليس له علاقة بالسيد أسامة حمدان، عُضو المكتب السياسي للحركة ومُمثِّلها السَّابق في لبنان، يُعتبر من كوادِر “حماس″ العَسكريّة القِياديّة في لبنان.

ما نُريد قَوله أن جبهة قويّة تتبلور في جنوب لبنان، عُنوانها الأبرز التحام المُقاومة اللبنانيّة مع نَظيرتها الفِلسطينيّة انتظارًا للمَعركة القادِمة ضِد الاحتلال الإسرائيلي التي تَنطوي على الكثير من المُفاجآت.

التَّنسيق والتَّعاون بين “حزب الله” وحَركتيّ المُقاومة الإسلاميّة في فِلسطين (حماس والجِهاد) ليس جديدًا، فقد أعلن السيد نصر الله في أحد خُطبِه الأخيرة بأنّ المُقاومة اللبنانيّة زَوّدت المُقاومة الفِلسطينيّة بصَواريخ “كورنيت” التي غَيّرت مَوازين القوّة في حَربْ غزّة الأخيرة، وأرعبت الدَّبابات الإسرائيليّة المُهاجِمة، ومَنعتها من التقدّم، ولو لأمتارٍ مَعدودةٍ في عُمق القِطاع.

حركات المُقاومة اللبنانيّة والفِلسطينيّة لن تَنجرْ إلى المِصيدة الإسرائيليّة التي تُريدها نَقل المَعركة إلى خارِج فِلسطين المُحتلّة وجنوب لبنان، ولهذا من المُتوقّع أن يكون ردّها داخِل الأرض المُحتلّة أولاً، ومن جنوب لبنان وجنوب غَربْ سورية ثانِيًا.

لا نَستغرب، ولا نَستبعد، أن تُقيم إيران مَصانِع أسلحة في جنوب لبنان، وجِباله الشَّماء الشَّامِخة، على غِرار مُفاعِلها النَّووي آراك قُرب قُم، التي لا يُمكِن أن تُدمّر الطّائرات الإسرائيليّة ما في جَوْفِها، فقَوانين اللُّعبة تتغيّر لصالِح مِحور المُقاومة في أكثر من جِهة، والأسابيع والأشهر المُقبِلة قد تَكون حافِلةً بالمُفاجآت.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى