ماذا فعل معي نائب رئيس اتحاد الصحفيين ؟
أنتم تعرفون أننا نحن الصحفيون كثيراً مانحتج على اتحاد الصحفيين الذي ننتمي إليه لأنه في الواقع (لا يطلع بيده شيء). يشتغل على مبدأ إن لم تستطع فبقلبك، أوعلى مبدأ على قد بساطك مد رجليك، وكفى الله المؤمنين شر القتال.
ولكن هذا لا يعني أن أصدقاءنا وزملاءنا في الاتحاد مشغولين عنا أو مشغولين عنهم. على العكس نحن نحترمهم جميعاً، وهم يحترموننا، وإذا كان الاتحاد مقصراً معنا، فلأن ما باليد حيلة، وعندما نلتقي نتحدث بصراحة، وأقوم أنا محسوبكم بشد شعر الطيبين منهم، وأشعر أنهم يتقبلون نقدنا بصدر رحب !
المسألة ليست جديدة، من أيام الدكتور صابر فلحوط، وهو شاعر مخضرم، نحن للمناسبات فقط، ومن كثرة المناسبات وصل الأمر بي إلى نسيان كل المناسبات بما فيها عيد الصحفيين وعيد ميلادي وهويتي الصحفية!
المهم، أنني كلما التقيت بالصديق مصطفى المقداد، وهو نائب رئيس اتحاد الصحفين في سورية، أطرح الموضوع، ولأنه متحدث سلس يأخذني إلى موضوعات أخرى،وقصص شيقة تنسيني كل ما أريد قوله، ومرة اكتشفت أنه أفضل من يكون صحفياً مقروءاً ومتابعاً بدرجة جيد جدا لو أنه غير مجال الكتابة من التحليل السياسي إلى تجربته الغنية والفذة فعلاً في الحياة والتجارب والأسرار.
في آخر مرة وصلت صباحاً إلى مقر الجسر الأبيض لاتحاد الصحفيين، وكان هدفي قبض مبلغ محترم من استحقاقاتي الصحية من الزميل محمد عباس المسؤول عن هذا الشأن لأشتري فيه كيلو لحمة عشية عيد الأضحى، وهناك التقيت به، وبالصدفة وأنا أحاول قراءة رقمي في الاتحاد من بطاقتي الصحفية اكتشف من مكانه حيث يجلس ضيفاً مثلي أن بطاقتي مهشمة غريبة الشكل تآكلت أطرافها وبدت كأنها من عهد العثملي .
نهض ضاحكاً، وكأنه وجد مفارقة الزمن الصحفي الذي نعيشه، فإذا هي من عام 2004، مهترئة وقد أكل الدهر عليها وشرب ، ومن المفترض أن تجدد كل عام، فأخبرته أنني لم أكن بحاجة إليها أبداً، وأن أحداً لم يطلبها مني، فنحن لا نشعر أننا صحفيون، وقلت: لا لزوم لها!
تغاضى عن ردي بذكاء، وقال هذه تحفة يجب أن نحفظها للتاريخ. ووجدته ينهض من كرسيه ويتصل بمركز الاتحاد الرئيسي ويقول لهم : أعدوا بطاقة صحفية للزميل عماد نداف لتكون معه خلال نصف ساعة .
مزحت معه، وقلت: هذه هي المرة التي أشعر فيها بقرار قوي وفوري يعيد لي هويتي الصحفية المهنية!
وبعد دقائق نزلنا بسيارة الزميل محمد، من الجسر الأبيض إلى شارع الحسن، وما أن وصلنا حتى وجدنا الهوية الجديدة بالانتظار، فأخذتها ، وقمنا بتصوير الهوية القديمة للذكرى، وتسليمها أصولا إلى الجهات المختصة لحفظها مع أرشيف حرب السفر برلك ، وأنا الآن أمتلك بطاقة صحفية جديدة، وأفكر هل يمكن لي أن أمارس الصحافة فعلاً ، فأشعر أنني صحفي عن حق وحقيق؟!
تلك هي المسألة .