ما دون السياسة

ليس هناك معركة نخسرها…هناك معركة نتخلى عنها
__________________________________________

ـ كيف تكون دون مستوى السياسة؟دولة أو أفراداً؟

المثال العملي ، بعيداً عن تلك الجملة الأكاديمية : ” السياسة فن الممكن”… هو الموقف الإسرائيلي وموقف بعض العرب من الاتفاق النووي الإيراني الدولي.

في إسرائيل يمكن تبرير الاستياء الذي ينطوي على فشل وعلى ابتزاز.

الفشل هو أن تزال احتمالات النووي الإيراني كسلاح، ولا سبيل إلى ذلك إلا بضربة عسكرية مشتركة بين إسرائيل وأمريكا، ولكي تعود إيران إلى درجة الصفر صناعياً ومدنياً… دولة لا يهتم بها حتى جارتها أفغانستان.

ولكن الإدارة الأمريكية، تحديداً باراك أوباما، لم تقدم طلب انتساب إلى عبقرية نتنياهو ولم تسّلم وزارة دفاعها إلى وزير الدفاع الإسرائيلي.

وأعتقد أن سؤال أوباما لنتنياهو الهائج فور صدور الاتفاق : ” ما هو بديل هذا الاتفاق؟ ” سؤال مليء بالسخرية والاستخفاف. فمنذ مجيء هذا الرئيس الأسود وهو يعلن، طوال أسنانه البيضاء، أنه لن يلطخ جدران الآخرين بدماء جنوده. قد يشترك في عمليات، كقتل بن لادن، وطلعات مساعدة جوية كما في مسألة داعش. ولكنه، منذ فوات الفرصة لضرب سورية التي تعني إيران وحزب الله، أثبت اوباما قدرته على الصمود في وجه الإغراءات بالصيد الوفير عبر الحرب.

أما الابتزاز فهو، دائماً، على الطريقة اليهودية:” نحن في خطر أنجدونا”. وتكون النجدة هبات بمليارات الدولارات على شكل مساعدة أمنية. وأوباما يفهم هذه اللعبة، ولا بأس بتقديم هذه الطمأنينة الكاذبة،وهذه الرشوة .

………….

أما العرب…

العرب المستاؤون. فهناك أسباب عديدة ولكنها غير محترمة البتة.

أحد الأسباب هو الامتعاض من الإنجاز الإيراني، الذي جعل الدول العظمى، بانية العالم وهادمته ، هي الطرف الذي سلم إيران هذا الإنجاز، بعد أن أثبت الإيرانيون أن بلادهم ليست مستودع نفط وحسب، (30% من الدخل الإيراني، بينما دول النفط الأخرى 90% من الدخل)…بل هي دولة علم، وتقدم ومدنيات…بعيداً عن الدين والملالي وولاية الفقيه، تلك الصفات التي يضيف إليها غلاة العرب صفة “المجوسية”.

وإيران دولة يتجة إليها العالم بالحوار وبالاستثمار. كل هذا في وسط موبوء بالتبعية للغرب والأمريكان، الوسط العربي الكسول المتخلف الذي يستغل تبعيته باعة الأسلحة ومافيات النفط.

إحدى المظاهر الشاهدة على “دون مستوى السياسة” هي الوقوف بتبجح لا يستند إلى شيء، في وجه الاتفاق، الذي وقّعت عليه البشرية جمعاء (بمعنى من المعاني) ست دول عظمى، وكل أوروبا. حتى من باب أدب الضعيف وتهذيبه…يجب إظهار الاحترام لهكذا اتفاق.

ثمة مشهد آخر شاهد على “دون مستوى السياسة” هو تصوير الإنجاز الدولي هذا، على أنه انتصار شيعي، ومكافأة للتمدد الشيعي، وتسليط إيران على جيرانها، والسماح لإيران، في عصر التقدم المذهل في التكنولوجيا، أن تتطور لتصبح حصن علوم وحصان سبق (عمداً استخدام هذه اللغة ما دون السياسة).

ـ ما البديل أيها السادة (دون السياسة)؟

ـ الحرب؟

ـ بصراحة، لو كان نتنياهو يعرف أنه ينجو إذا تحرش بإيران…لما تردد.

ـ والسادة الآخرون…سيكفيهم دماراً خسائرهم في زجاج ناطحات السحاب اللامعة، اذا مانشبت الحرب.

الحديث عن “ما دون السياسة” يقتضي أن نختتمه بما هو سياسة…

“الحكمة في إدارة الأزمة… أية أزمه ، تكون بتحديد مسبق للأزمات المحتملة، والحيلولة دون وقوعها بشروط مطلقة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى