اقتصاد

ما مدى تأثير الحرب بين إسرائيل وحماس على سوق النفط؟

تشكل الحرب الدائرة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل أحد أكبر المخاطر الجيوسياسية على سوق النفط منذ الغزو الروسي لأوكرانيا العام الماضي.

ورغم أن تدفقات النفط لم تتأثر بعد فإن المحللين والمراقبين للسوق يشيرون إلى أن تفاقم الصراع على نحو أكبر سيؤدي إلى نتيجتين رئيسيتين.

الأولى تتمثل في أن الولايات المتحدة قد تشدد العقوبات المفروضة على إيران في حالة ثبوت ضلوعها في هجوم حماس على إسرائيل وهو ما قد يؤدي إلى زيادة الضغط على سوق النفط التي تعاني بالفعل من شح المعروض.

ثانيا الاتفاق الذي تتوسط فيه واشنطن لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، والذي قد يؤدي إلى زيادة إنتاج المملكة للنفط، قد يخرج عن مساره.

* كيف كان رد فعل سوق النفط حتى الآن؟

قفز خام برنت نحو 3.50 دولار ليلامس 89 دولارا للبرميل يوم الاثنين، في أول يوم تداول بعد أن شنت حماس هجوما مباغتا على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول.

وتراجعت بعد ذلك معظم هذه المكاسب قبل أن ترتفع الأسعار إلى ما يزيد عن 88 دولارا للبرميل اليوم الجمعة بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركات الشحن التي تنقل النفط الروسي في انتهاك لسقف الأسعار الذي فرضته مجموعة السبع.

واعترف المحللون والمطلعون على الصناعة، الذين توقعوا ارتفاعا أكبر، بأن الوضع يختلف عن أزمة النفط عام 1973 عندما قادت السعودية حظرا استهدف الدول التي دعمت إسرائيل خلال حرب أكتوبر تشرين الأول، مما تسبب في ارتفاع الأسعار بشكل كبير.

وأعلنت السعودية وروسيا بالفعل عن تخفيضات طوعية في الإمدادات حتى نهاية عام 2023، مما دفع أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها في 10 أشهر في أواخر سبتمبر أيلول قبل أن تدفعها مخاوف الاقتصاد الكلي إلى الانخفاض بشكل كبير مرة أخرى الأسبوع الماضي.

وقالت وكالة الطاقة الدولية يوم الخميس إن الصراع ليس له تأثير مباشر على إمدادات النفط، في حين قال ديفيد جولدوين، المبعوث الخاص السابق لشؤون الطاقة الدولية في وزارة الخارجية الأمريكية، إن الأساسيات ستظل المحرك الأكبر للأسعار.

وقال روب ثومل، مدير المحافظ في شركة تورتويز كابيتال، إن من غير المرجح أن ترتفع أسعار النفط بشكل كبير ما لم يكن هناك تعطل في مضيق هرمز بسبب إيران أو أي دولة أخرى. ومضيق هرمز أهم شريان للنفط في العالم وتمر منه خمس الإمدادات العالمية.

* ماذا يعني الصراع بالنسبة للصادرات الإيرانية؟

على الرغم من العقوبات الأمريكية، نمت صادرات النفط الخام الإيرانية نموا كبيرا هذا العام، لتحدث حالة من التعادل مع بعض التخفيض الطوعي للرياض وموسكو بواقع 1.3 مليون برميل يوميا.

وتنفي إيران الداعمة لحماس أي اشتراك في هجوم حماس على إسرائيل. وقالت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين يوم الأربعاء إنها ليس لديها ما تعلنه حتى الآن فيما يخص إذا ما كانت الولايات المتحدة ستفرض عقوبات جديدة على إيران إن ظهرت أدلة على اشتراك الجمهورية الإسلامية في الهجوم.

وأردفت يلين “هذا شيء نبحث فيه باستمرار ونستخدم المعلومات التي تصبح متاحة لتغليظ العقوبات”.

وقد يهدد تغليظ العقوبات الأمريكية على طهران إمدادات النفط الخام ويدفع أسعار الطاقة عالميا ومحليا إلى الارتفاع، وهو شيء سيكون الرئيس بايدن على تفاديه قبل انتخابات 2024.

وقالت حليمة كروفت المحللة لدى آر.بي.سي كابيتال ماركتس إنه “يرجح أن يكون من الصعب” على إدارة بايدن الاستمرار في “منظومة العقوبات المتساهلة” التي سمحت لإنتاج النفط الإيراني ببلوغ مستويات ما قبل 2018.

لكن محللين آخرين لا يتوقعون أن تخاطر الولايات المتحدة بتعطيل الإمدادات.

وقال محللو ماكووري “نظرا لأن أهداف السياسات لا تستهدف تدفقات النفط الروسي حتى في ذروة الصراع الروسي الأوكراني، لا نتوقع تقييد صادرات النفط الإيرانية أيضا”.

وذكر محللو (إف.جي.إي) أن الولايات المتحدة من غير المرجح أن تغلظ العقوبات من دون موافقة السعودية على تعويض المفقود، وأضافوا أنهم لا يتوقعون موافقتها.

* ما مصير الاتفاق السعودي الإسرائيلي؟

تحاول الولايات المتحدة التوسط في اتفاق للتقارب بين السعودية وإسرائيل تطبع فيه المملكة علاقاتها مع إسرائيل في مقابل توقيع اتفاق للدفاع مع واشنطن.

وأفادت صحيفة وول ستريت جورنال الأسبوع الماضي بأن السعودية أبلغت البيت الأبيض بأنها عازمة على تعزيز إنتاج النفط في أوائل العام المقبل للمساعدة في تأمين الاتفاق.

وقالت واشنطن إن الجهود ينبغي أن تتواصل، لكن بن كاهيل من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره الولايات المتحدة قال إن المحادثات قد تُعلق الآن، ما يغلق مساحة مهمة للتعاون بين الولايات المتحدة والسعودية.

* كيف كان رد فعل أوبك+؟

وقال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان لتلفزيون سي.إن.بي.سي “لا ينبغي تحدي تماسك أوبك+”.

وأضاف “مررنا بالأسوأ، لا أعتقد أننا سيتعين علينا المرور بأي موقف عصيب على الإطلاق”.

وذكر متحدث باسم وزارة النفط العراقية أمس الخميس أن أوبك+، وهي منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفاؤها بقيادة روسيا، لا تبدر منها ردود أفعال غير مبنية على حسابات على تحديات السوق.

وأضاف ألكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء الروسي أمس الخميس أن أسعار النفط الحالية مأخوذة في الاعتبار في الصراع وتعكس اعتقاد السوق أن المخاطر التي تشكلها الاشتباكات ليست مرتفعة كثيرا.

واجتمعت روسيا والسعودية في موسكو يوم الأربعاء حيث قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن تنسيق أوبك+ سيستمر “من أجل القدرة على التنبؤ في سوق النفط”.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى