ما هي حقيقة الاستهداف وهل تحوّل لبنان إلى ساحة لحرب الاستخبارات؟ ( أنطوان الحايك)

 

 أنطوان الحايك 

خرق الانفجار الارهابي الذي أودى بحياة الوزير الأسبق محمد شطح الهدوء الحذر الذي فرضته على مضض عطلة الاعياد في مشهدٍ أعاد إلى الذاكرة ما كان يحصل عشية كل استحقاق دولي يتعلق بالمحكمة الدولية، حيث كانت تتقدم الملفات على وقع الاغتيالات السياسية في ظل تدرّجٍ متسارعٍ للانقسام السياسي العامودي.
وانطلاقاً من ذلك، ترسم مصادر سياسية متابعة أكثر من علامة استفهام حول فحوى الاتهامات السياسية التي عادة ما تسبق التحقيقات القضائية، خصوصا في هذه المرحلة الفائقة الحساسية نتيجة الحرب الامنية العاصفة بلبنان والمنطقة بقيادة أجهزة استخبارات دولية واقليمية فرضت نفسها لاعبا اساسيا على الساحة اللبنانية، كما تقول المصادر، التي تلفت إلى وجود صمت رسمي بالرغم من المعلومات الموجودة بحوزة الأجهزة المعنية التي عادة ما تسارع الى كشف جوانب من كل عملية ارهابية بعد وقوعها بساعات قليلة ما يؤكد على أنّ الساحة الداخلية تحولت ليس فقط الى صندوق بريد، بل إلى مسرح لحرب المخابرات التي لم ولن تتوقف الا باتفاق سياسي كبير يفرض نفسه من خارج الحدود، على حدّ تعبير المصادر نفسها.
وبمعزل عن عملية التفجير التي تثبت مرة جديدة انها من عمل اجهزة محترفة للغاية لا تخطىء في عملها التقني الذي يحتاج الى تراكم خبرات ولا في التوقيت واختيار اللحظة المناسبة للانقضاض على الهدف، تطرح أوساط سياسية قريبة من الخط الوسطي علامة استفهام حول الهدف السياسي من العملية الامنية في حال كان الوزير الشهيد هو حقيقة المستهدف أم ان هناك خطأ ما نجم عن تشابه في السيارة المستهدفة التي تشبه الى بعيد تلك التي تستخدمها اكثر من شخصية سياسية وحزبية وامنية، وهذا احتمال وارد نظرا الى الاجراءات التي يتبعها المعنيون وهي عادة ما تلحظ استبدال اللوحات الحقيقية بارقام متغيرة بشكل دوري كما تلحظ نفس نوعية الزجاج الداكن بما لا يستبعد معه نظرية الخطأ في الهدف لاسيما في الموقع الجغرافي الذي يستخدمه السياسيون والامنيون نظرا لوقوعه في قلب المدينة وعلى مقربة من مراكز سياسية وامنية ووزارات حيوية.
بعيدا عن هذه الفرضية، يتوقف المصدر عند جملة معطيات أبرزها أنّ الوزير الشهيد واحدٌ من رموز الاعتدال في تيار المستقبل وإن كان واحدا من أصحاب القرارات المرجحة اذا لم يكن واحدا من صناع القرار في التيار المذكور نظرا لقربه من رئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري من جهة ولمراكز القرار في الخارج من جهة ثانية وهو الذي اسس الى تواصل بين الادارة الاميركية والتيار الازرق ابان اشغاله لمنصب سفير لبنان في الولايات المتحدة، وهذه حقيقة لا ينكرها قياديو التيار بل يعتبرون ان اشغاله لوزارة المال جاء نتيجة لقربه من التقاطعات السياسية الغربية والمحلية على حد سواء.
في الموازاة، يحمل المصدر على الاتهامات السياسية المباشرة لسوريا و"حزب الله"، ويعتبر أنّ الحكمة السياسية تفرض المزيد من الوعي السياسي وليس صب الزيت على نار الفتنة المذهبية المشتعلة في المنطقة ولا توفر بالحقيقة الساحة المحلية خصوصًا أنّ هذه الاتهامات قد لا تقع في مكانها الصحيح نظرا إلى أنّ المنطق السياسي يقول بأنّه من مصلحة الحزب الاستراتيجية إحلال الهدوء في الداخل ليتفرّغ للعمل في سوريا وبالتالي فانه من المستغرب أن يعمل على فتح جبهات إضافية وجانبية مهما كانت الاسباب والمسببات.
إلا أنّ ذلك لا يمنع من التأكيد بأنّ لبنان ينزلق سريعًا نحو الفوضى العارمة والفراغين السياسي والامني على حد سواء فمجرد تحويل الساحة الداخلية إلى مسرح للحرب الاستخباراتية كفيل بإقحام لبنان في متاهات جديدة قد يكون وزير الخارجية الاميركية جون كيري قد عبر عنها من خلال اشارته الى ان خسارة شطح هي اميركية ولبنانية على حد سواء.

الالكترونية اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى