ما وراء عناوين المرحلة الانتقالية لرئاسة ترامب: العمل الجليل لوضع سياسة خارجية

خلال الأيام والأسابيع المقبلة سوف تستمر التكهنات حول شغل المناصب الرفيعة المستوى في إدارة ترامب.
إلا أن هذه شريحة صغيرة فقط من عملية انتقال الرئاسة والمهمة التي تنتظر فريق دونالد ترامب. وحيث أصبحت نتائج الانتخابات أكثر وضوحاً في نهاية ليل الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر، بدأ حلفاء الولايات المتحدة وخصومها يبحثون عن إشارات عن نوايا الولايات المتحدة وتفضيلاتها في الخارج.
وتأخذ فترة ولاية الرئيس باراك اوباما بالتقلص بسرعة، كما يتمتع الكونغرس بسلطة أقل بكثير من البيت الأبيض في الشؤون الدولية. ويأمل بعض الحلفاء بأن يقوم خلف الرئيس أوباما بعكس إعادة تموضع الولايات المتحدة خلال فترة رئاسته. وأشارت بعض تصريحات السيد ترامب خلال الحملة الانتخابية بأنه قد يحيد بشكل ملحوظ عن السياسة الأمريكية المتعلقة بالتجارة والتحالفات. ولكن من غير الواضح كيف سيفعل ذلك. أما خططه للسياسة الخارجية، فقد تركها السيد ترامب غامضة، مثله مثل معظم المرشحين للرئاسة.
ويؤدي كل ذلك إلى تفاقم المخاطر العالية بالفعل بالنسبة لرئيس منتخب يفتقر إلى سجل لمنصب سياسي منتخب الأمر الذي يجعله شخصاً غير معروف إلى حد كبير. وبإمكانه تهدئة الحلفاء على الفور، من خلال التعبير عن مفهوم استراتيجيته وأولوياته في إطار سياسته الخارجية، وكليهما على انفراد، وبصورة علنية إلى حد ما. وبقيامه بذلك يمكنه تخفيف الشعور بعدم الاستقرار المرتبط بعدم اليقين بشأن السياسة المقبلة؛ كما من المحتمل أن يساعد ذلك على تفادي قيام الحلفاء باتخاذ خطوات لتحري الحيطة في وضع رهاناتهم، فضلاً عن بدئهم ببناء الدعم لخطط السيد ترامب (التي من شأنها أن تساعده على بذل قصارى جهده بعد تنصيبه/توليه السلطة).
ان إضفاء إحساس من الاستراتيجية قد يساعد أيضاً على توجيه البيروقراطية الأمريكية وتركيزها فجهاز الأمن الوطني واسع جداً من أن يتمكن إدارة [الأمور] بنجاح: وتنخرط الولايات المتحدة في أنشطة لا حصر لها في الخارج، ومعظمها لا يتطلب اهتماماً كبيراً من قبل الرئاسة، وغالباً ما يتم تكليفها لخبراء من الخدمة الوظيفية. لكي يكون ناتج تلك الجهود متسقاً – بل أفضل من ذلك، لكي يكون إجمالي السياسة الخارجية أكبر من ناتج أجزائها
يجب على البيت الأبيض أن يُسدي المشورة في المجال الاستراتيجي بصورة واضحة وبسيطة. ويكون لذلك فائدة أكبرعندما يكون توجيهاً إيجابياً. إن التحذيرات على غرار تلك التي وجهها الرئيس أوباما كـ التوجيه: ‘لا تعمل أشياء غبية’ تعمل على زيادة النفور من المخاطرة المتعلقة بالبيروقراطية والقوية بالفعل والميل نحو التقاعس.
وتميل عناوين التخطيط للمرحلة الانتقالية إلى تضمين قصص عن مرشحين لحقائب وزارية وغيرها من تعيينات رفيعة المستوى. يكمن قدر كبير من المرحلة الانتقالية في إصدار آلاف التعيينات لمناصب من المستوى الأدنى التي يقوم شاغليها بأعمال جليلة تتعلق بصياغة السياسة. ويعني العدد الهائل من الوظائف بأنه يتعين ملء الكثير منها من قبل أفراد لم يشغلوا مناصب في حملة الانتخابات الرئاسية للسيد ترامب، والكثير منهم من موظفي الخدمة [الطويلة].
وقد يرى البعض أن ذلك يمثل مشكلة. فهي في الواقع قوة النظام المتمثلة بالسماح لوجهات نظر مختلفة بالتأثير على المشاكل التي تواجه الولايات المتحدة، وذلك من قبل موظفين موحّدين في التفاني من أجل البلاد والواجب الوطني. ومع ذلك، فإن هذا الهيكل يجعل الأمر مهماً بشكل أكبر، حيث تكون هناك استراتيجية أمنية وطنية واضحة صادرة من الجهات العليا. إن وجود وجهات نظر وآراء مختلفة بين المسؤولين هو شيء، وقيامهم بمتابعة استراتيجيات مختلفة داخل الإدارة الواحدة هو شيء آخر.
وستعمل الإدارة الأمريكية على نقل مبادراتها الأولية الخاصة بالسياسة الخارجية – غالباً ما يُطلق عليها اسم “خطة الـ 100 يوم” – كما ستساعد على إبلاغ توجيهاتها وسط بحر من القضايا التي تتطلب الاهتمام. لكن على الرغم من جميع الفضائل في تحديد الأولويات بشكل استباقي، إلا أن الكثير من [خطوات] السياسة الخارجية هي رد فعلي لا محالة
ومن بينها: التعاطي مع المشاكل العالمية عند اندلاعها. ويعزز ذلك الحاجة لإكمال التخطيط الاستباقي من خلال بذل جهود لتحديد الأحداث المعروفة التي ستحظى بقدر أكبر من الاهتمام على المستويات العليا – كالانتخابات في الخارج، ومؤتمرات القمة، وقرارات إسقاط الحق من خلال سن تشريع بخصوص المسألة موضع البحث (مثل فرض عقوبات على ايران) – فضلاً عن الاستعداد لمواجهة أحداث غير متوقعة. إن تعيين فريق تخطيط استراتيجي للبدء في تحديد [الطرق] لمعالجة القضايا أو المشاكل المحتملة التي من شأنها أن تورّط مصالح الولايات المتحدة، مثل اندلاع حرب أو وقوع هجوم إرهابي، من شأنه أن يساعد على ضمان وضع الخطط المناسبة موضع التنفيد من أجل الرد على مثل هذه المقتضيات، أو، أفضل من ذلك، من أجل منعها من الحدوث.
أما العنصر الرئيسي الآخر فهو التفكير في الأمور وكيفية معالجتها. فمن دون وجود عملية مصممة تصميماً جيداً للتوصل إلى القرارات وتنفيذها، من المحتمل أن تفشل حتى تلك السياسات الأكثر روعة في صياغتها، كما قد لا ينجح المسؤولون الأكثر كفاءة. ومن الناحية المثالية، تتسم صياغة السياسة باللامركزية، حيث تكون الوكالات خاضعة للمساءلة ومخولة أيضاً؛ كما تكون جيدة التنسيق، بوجود “مجلس للأمن القومي” يسعى من أجل التلاحم بدلاً من الحلول محل الوكالات الاتحادية؛ كما تكون كفوءة أيضاً، مع وجود تسلسل واضح للسلطة دون أي تداخل [بين الوكالات] وتعيين مجالات المسؤولية بصورة واضحة داخل هذه الوكالات وفيما بينها.
ولن يتم تنصيب الرئيس المنتخب ترامب حتى كانون الثاني/ يناير. بيد، أن سياسته الخارجية تبدأ الآن.

وول ستريت جورنال

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى