فن و ثقافة

مسرحية (رسائل الياسمين) في خطابها الفج: كريوغراف آسر، وسحر في اللعبة الدرامية!

 

 

 

خاص

مسرحية (رسائل الياسمين) في خطابها الفج: كريوغراف آسر، وسحر في اللعبة الدرامية!

تعاون مختلف على صعيد لعبة الخشبة المسرحية بين شابين طموحين هما علي رمضان سلامة الذي كتب النص وأخرجه مع محمد الحلبي الذي وضع تصاميم الكريوغراف على الخشبة.

هذا التعاون أثمر عن عمل جميل في مشهديته جعل الجمهور سعيداً في متابعته ، لكنه قد لايرضي بعض النقاد في سوية التعاطي مع دراما الحرب في سورية التي تنتظر أعمالا لافتة في المسرح والسينما والتلفزيون والرواية.

يعتمد النص على فكرة جميلة تتلخص بمجموعة رسائل بين حبيبين : الفتاة وهي طالبة تقيم في الوطن، والشاب الذي هاجر نتيجة الأزمات المتراكمة التي سببتها الحرب..

وفي لعبة الرسائل تتضح أهداف النص المسرحي التي تؤكد على البقاء في الوطن والدفاع عنه، وتدين التهرب منه بحجج مختلفة، وقد وصلت الرسالة بشكل مباشر للجمهور دون أي تعقيد، نظرا لاستخدام اللغة المباشرة التي قاربت الخطاب الإعلامي التعبوي.

قام المؤلف /المخرج، مع مصمم الرقصات بإحداث تخريج فني لافت يقوم على مستويين الأول واقعي استخدم فيه الشاشة السينمائية حيث تكتب الفتاة رسائلها ونسمع مضمون الرسائل من خلال صوتها الداخلي، وآخر تخييلي فني يحاكي مضمون الرسائل بلغة بصرية على الخشبة تعتمد على حركة الرقصات التي قامت بها فرقة خطى للمسرح الراقص. وكان الرابط بين هذين المستويين ساعي البريد الذي يتحرك على دراجته في إشارة إلى حركة الرسائل، وكما نعلم لم يعد ساعي البريد موجودا في هذا العصر، ومع ذلك كان الاستخدام مبدعاً.

ما الذي يقال عن هذه المسرحية، وإلى أي حد يمكن التعاطف مع هذه التجربة التي تنبئنا بطموحات مسرح شاب يحاول تقديم نفسه بإبداع متطور وإن ضعفت الامكانات ؟

أولا :

يجب التأكيد على حيوية المغامرة كما قدمت، لأنها تحتاج على الأقل لضبط حركة الراقصين والممثلين في ميزانسين متناسق إضافة إلى نوعية الربط بين الشاشة والخشبة وهي تجربة تناولها أكثر من مخرج من قبل بصيغ أخرى.

ثانيا:

رغم جمالية الكريوغراف وتصميمه التعبيري فقد كان واضحا نقص التدريبات لأن مركز حركة الرقص كان يضيع أحياناً، مما أربك الإضاءة الجميلة ( بسام حميدي وعماد حنوش) وأظهر سوية أقل من المطلوب في أداء الراقصين .

ثالثا :

استعارة الموسيقى والأغنيات دون وضع تأليف خاص لها، فأخذت أغنية من مسلسل محي الدين بن عربي ومعزوفة للموسيقار العالمي ياني التي تذكرنا ببرنامج مروان صواف الآسر (إذا غنى القمر) .

رابعا :

الاعتراف بأداء الممثلين والسيطرة على حركتهم ( نادر سلوم) المتوافقة مع الرقص رغم قلة التدريبات، وهذا الأداء يحتاج في لغة الإخراج المسرحي إلى دراسة متأنية، وفي المشهدية التي عرضت أمامنا كان ثمة معنى لكل حركة تربط بين حركة الممثل والكريوغراف ، وهذه نقطة تحسب للفنانين اللذين أبدعا هذه المسرحية سلامة والحلبي.

خامسا :

النجاح في عنوان المسرحية (رسائل الياسمين) ، ففي محاميل رمزية هذا الاسم دلالات جميلة كان بالامكان الاستفادة منها للهروب من المباشر التي قال لي المؤلف /المخرج إنه تقصدها!

سادسا :

وضمن الخيارات الفنية كان الأداء الصوتي لجلال الخراط وبدور شحادة ناجحاً ولافتا في التعاطي مع نبرة الالقاء التي خففت من المباشرة في أغلب العبارات .

سابعا:

لابد من الإشارة إلى دور الممثلين والراقصين في إنجاح عملية الربط فقد كان لممثل راقصا والراقص ممثلا في لعبة (الإخراج/الكريوغراف) ، وهنا يبرز الممثلون نور صقر وطارق ريحاوي وزين سليمان وجوليا حلبي في أداء لافت يستحق التنويه، وكذلك الطفلة التي ساهمت في العمل دون ذكر اسمها.

 ويشير مؤلف العمل علي سلامة في تصريح لمراسل سانا إلى أن الهدف من العرض تذكير الناس بالمبادئ التي تربى عليها الشعب السوري وأهمية التمسك بالجذور وحب الوطن موجهاً رسالة للشباب الذين يقبلون على السفر والاغتراب كي يدافعوا عن قيم الآباء والأجداد ولا يستسلموا لخيار الهجرة.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى