تحليلات سياسيةسلايد

مظلوم عبدي يكشف تفاصيل الاتفاق مع دمشق وتحولات سوريا

مظلوم عبدي يكشف تفاصيل الاتفاق مع دمشق وتحولات سوريا… قائد قوات سوريا الديمقراطية يؤكد أن الاندماج في الجيش السوري لا يجب أن يفرض بالقوة، وملف الثروة النفطية سيطرح على طاولة مفاوضات باريس.

تغيرت ملامح المشهد السوري بمتغيرات سياسية وجيوسياسية عميقة فرضها سقوط نظام الأسد في ديسمبر الماضي، وقد أكد قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مظلوم عبدي، في مقابلة مع صحيفة “يني ياشام” التركية المعارضة، أن سوريا شهدت تحولا نوعيا وجذريا، إذ انتقلت من محور روسيا وإيران إلى محور معارض جديد.

وهذا التحول، بحسب عبدي، أثبت أن النظام المركزي الشمولي الذي كان قائما لم يعد صالحا بعد حرب استمرت 14 عاما، مما يستدعي ضرورة التوجه نحو نظام لا مركزي يمنح كل مكونات الشعب السوري دورا سياسيا وإداريا فاعلا.

وتكشف هذه الرؤية عن محاولات لاستثمار الفراغ السياسي الجديد في بناء أسس دولة سورية مختلفة، بعيدة عن هيمنة المركز، وقادرة على استيعاب التعددية الإثنية والطائفية.

وفي خضم هذا التحول، كشف مظلوم عبدي عن تفاصيل اتفاق 10 مارس مع الرئيس السوري أحمد الشرع، الذي جاء بعد سلسلة من اللقاءات السرية. وأوضح أن اللقاء الأول الذي عُقد في دمشق أواخر ديسمبر 2024 لم ينجح، لكن الحوار استمر بوساطة من منظمات مجتمع مدني أميركية وبريطانية.

وتظهر هذه الخلفية مدى تعقيد المشهد السوري، حيث تلعب الأطراف الدولية أدوارًا غير مباشرة وحاسمة في تسهيل الحوار بين القوى المحلية.

وبحسب عبدي، فإن الهدف الأساسي من الاتفاق كان درء مخاطر اندلاع حرب أهلية طائفية، خاصة في ظل تصاعد التوترات بين العلويين والسنة، والأكراد والعرب، وهو ما كان يهدد بتمزيق سوريا بشكل أكبر.

وأكد عبدي أن الاتفاق، الذي استهدف وقف إطلاق النار وتوحيد سوريا المنقسمة إلى أربع سلطات، تم التوصل إليه في ظل ظروف فريدة من تصاعد العنف. وبحسب تصريحاته، فقد تم الاتفاق على نقاط عامة مثل ضرورة حل القضية الكردية وتشكيل حكومة شاملة للجميع، بينما تم تأجيل “التفاصيل الحقيقية” إلى وقت لاحق.

ويوضح هذا النهج أن الأطراف تسعى في المقام الأول إلى تأسيس أرضية مشتركة لوقف الصراع، قبل الدخول في القضايا الشائكة التي قد تعيد إشعال التوترات. وكان هذا الاتفاق -بحسب عبدي- ضروريا لتمكين المدنيين من العودة إلى ديارهم، وتأمين استقرار نسبي في مناطق كانت على شفا الانهيار.

وتطرق عبدي في حديثه إلى دور القوى الدولية في التطورات الأخيرة، حيث أشار إلى أن القوات الأميركية قدمت الدعم اللوجستي والأمني خلال رحلة الوفد إلى دمشق، مؤكدا أن حضورهم كان ضروريا لعقد الاجتماع على هذا المستوى.

أما عن موقف تركيا، فقد أوضح عبدي أن أنقرة لم تعرقل الاتفاق بشكل كامل، وأنها تتبع نهجا يختلف عن الأطراف الأخرى، وكشف عن وجود قنوات تواصل مفتوحة مع تركيا، مؤكدا أن هذا الأمر إيجابي ويسمح بالحوار المباشر بدلا من سوء الفهم.

ويعكس تصريح قائد قوات سوريا الديمقراطية ديناميكية العلاقة المعقدة مع تركيا، التي لديها تحفظات على بعض الأجندات الكردية، لكنها في الوقت نفسه لا تبدو معارضة للحل السياسي الذي يجمع الأطراف السورية.

وفيما يخص المرحلة المقبلة، كشف عبدي أنه لم يلتقِ الرئيس الشرع وجها لوجه بعد اتفاق 10 مارس، وهو ما يشير إلى أن التواصل يتم عبر قنوات غير مباشرة لتجنب التوترات المحتملة، وأن الأزمة السياسية لا تزال في مراحلها الأولى والحساسة.

وأكد عبدي على أن الهدف الأساسي هو التوصل إلى اتفاق شامل وحل المشكلات بالحوار، مشددا على ضرورة إنهاء الحرب الأهلية وإرساء وقف دائم لإطلاق النار.

وفي هذا السياق، تطرق إلى رغبتهم في أن تكون قوات سوريا الديمقراطية جزءا من الجيش السوري الموحد في المستقبل، رغم اختلاف وجهة نظر تركيا حول هذه النقطة.

وتلقي هذه التصريحات الضوء على التحديات الكبرى التي تنتظر الأطراف السورية، فالانتقال من وقف الحرب إلى حل القضية الكردية وإعادة توحيد الجيش والمؤسسات يتطلب توافقا داخليا ودعما دوليا قد لا يكون متاحا بسهولة في ظل مصالح القوى المتضاربة.

وشدد عبدي على أن مفهوم الاندماج الذي يطرحه لا يعني الذوبان، بل “الشراكة”. ففي رؤيته، يجب أن تُبنى “سوريا الجديدة” على أساس شراكة حقيقية بين جميع المكونات، وليس فرضها بالقوة.

وأشار إلى أن أهالي دير الزور والرقة، على سبيل المثال، يطالبون بالمحافظة على مؤسساتهم المحلية وإدارتها من قبل أبنائها، ضمن إطار الدولة السورية الموحدة.

ويعكس هذا الموقف واقعا جديدا في سوريا، حيث لم تعد المناطق المهمشة تقبل بالعودة إلى الحكم المركزي دون ضمانات لإدارة شؤونها المحلية، مما يفرض على أي حل مستقبلي أن يأخذ في الاعتبار خصوصية كل منطقة.

في حديثه عن مستقبل سوريا، أكد قائد قوات سوريا الديمقراطية، أن قضية الموارد الاقتصادية وعلى رأسها النفط، ستكون محورا أساسيا للنقاشات المقبلة في باريس.

وفي تحليله للقضية، شدد عبدي على أن النفط هو ثروة قومية يجب أن يستفيد منها جميع السوريين، إلا أنه أشار إلى حقيقة تاريخية لا يمكن تجاهلها وهي أن منطقة شرق الفرات التي تحتوي على هذه الموارد قد تعرضت للتهميش والإهمال من قبل الدولة السورية.

ولهذا، يرى عبدي أنه من الضروري أن تُخصص حصة من عائدات النفط لإعادة إعمار هذه المنطقة التي عانت طويلا من الصراع.

ويلامس هذا الطرح جوهر الأزمة المالية والاقتصادية في البلاد، ويؤكد أن الحل السياسي لا يمكن أن ينجح دون معالجة قضايا التوزيع العادل للثروة وإعادة تأهيل المناطق المتضررة.

ميدل إيست أونلاين

 

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى