فن و ثقافة

مكاشفات رئيس اتحاد الكتاب في سورية : لابد من توضيح فالمسألة أبعد بقليل!

المكاشفة الجريئة بين الكتّاب ورئيس اتحاد الكتاب العرب في سورية. وجرت الأربعاء الماضي في فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب. أثارت موضوعات بالغة الحساسية في الجانبين الثقافي والنقابي. ومن المهم في هذه المكاشفات هو المشاركة الواسعة فيها إلى الدرجة التي لم يعد يتسع المكان للحضور.

وهذا يعني أن الكاتب والكتاب عاملان مهمان في العملية الثقافية. وهذا النوع من السجال صحي، وينبغي أن لا نخاف منه، على الأقل لأن المتحدثين والمتحاورين حريصون على ترسيخ قيم ثقافية وطنية يعتز بها الكاتب السوري بعد مطحنة الحرب التي تستمر في طحن المجتمع السوري بلا رأفة .

ومنذ بداية المكاشفات كان واضحا تأكيد الدكتور محمد الحوراني على أن العمل في  اتحاد الكتاب العرب يتمتع بحرية وصدر رحب، فَهُوَ ، أي الاتحاد، يستقطب ويستقبل كُلّ من يريد النهوض بالعمل الثقافي. ويفتح أمامه مجالات واسعة، كَمَا أَنَّه معني أيضاً بالأعضاء وغير الأعضاء لاستقطابه واستيعابه الطاقات الشبابية المبدعة وغيرها ..

وجميل هنا  أن  لا يبالغ الدكتور الحوراني ويذهب باتجاه إنجازات كبرى، فقد “مضى على وجودي فِي رئاسة  الاتحاد أشهر قليلة، لاَ أستطيع أن أتحدث عن العمل أو عن أي إنجاز قَدْ تحقق حَتَّى الآن وَإِذَا أردنا الحديث عن ذَلِكَ ليس بإمكاني أن أوصل المؤسسة إِلَى أي مكان أَنَا عاجز عن ذَلِكَ من دون التعاون مَعَ الأعضاء ”

وقال الحوراني : “مَا بعد طباعة الكتاب فعلياً.. أهم عندي من طباعة الكتاب..” وهذا في صلب عملية الاستثمار الثقافي، فمستودع اتحاد الكتاب العرب كما يقول “مأساوي وكارثي” و” نَحْنُ بحاجة لقراء حقيقيين يقومون بتقييم العمل الأدبي بشكل موضوعي وأكاديمي”. وطرح فكرة مهمة تتعلق بالناحية الفكرية والثقافية والأدبية. “فعندما يؤمن السياسي بالعمل الثقافي، يتم تصدير جيد للعمل الثقافي..عندما يؤمن الاقتصادي بالعمل الثقافي، تتم صناعة عمل جيد ثقافياً.. وهناك العديد من رجال الأعمال يحتقرون العمل الثقافي، وَلاَ يساهمون بتطويره أو العمل بِهِ”.

ولم تبتعد المكاشفات عن الخوض في غمار حقوق الكاتب المالية، وهذه مسألة دفعت الأمور إلى سخونة في الحوار، وخاصة عند طرح موضوع الاستكتاب في الاتحاد ومقارنته في الصحف والتلفزيون، وقد تم ذكر استثناءات “حينَ تم صرف مبلغ  25000 ل.س ذات يوم لزكريا تامر، يعني تقريباً مئة ألف ليرة سورية فِيْ الشهر..” أي أكثر من ستة ملايين ليرة بالقيمة الشرائية الحالية مقابل أربعة مقالات  والكلام هما للصحفي الكاتب ديب علي حسن .

وقد أثرتُ أنا الموضوع ، معتبراً أن في المسألة إهانة للكاتب أن يعامل بهذا الشكل. ولأن السيد رئيس الاتحاد عقد مقارنة بين الاتحاد والتلفزيون والصحافة ضاعت فكرتي وبدت افتراءً على الاتحاد. والمسألة ليست هكذا أبداً، ونحن متفقون عليها بوضوح من خلال مناقشتها مع كل الجهات التي تتعامل مع الكاتب،. ويعرف الجميع أن مشاركة الكاتب في ندوة تلفزيونية (نسبة ظهوره متدنية جدا) تعني منحه مكافأة مالية تتراوح بين 3 ــ 7 آلاف ليرة ، حسب البرنامج وأهميته، وأحيانا لا يدفع له شيء . ولكن ماذا لو شاركه فنان عادي، سيتقاضى الفنان تلقائيا أربعة أضعاف حصته . وهناك فنانون يتقاضون أكثر بكثير ، فالمسألة ليست في الاتحاد فقط، وإنما بغالبية المؤسسات التي يتعاطى معها الكاتب.

هذه نقطة، والنقطة الثانية،  التي طرحتها حول المقايضة باحتياجات الكاتب لقراءة نص روائي ليبدي رأيه فيه هي فكرة ساخرة وليست مشروعاً لحل المشكلة وبالتالي لا أدعو أنا لإهانته بهذه الطريقة، فكيف يقرأ الكاتب ثلاث روايات مقابل ألف ليرة . فهو يدخن ويشرب قهوة بعشرة آلاف، ثم يتقاضى ألفا ، هل هي قيمة ثقافته ورأيه أم قيمة المواصلات، أم استهتار بحقوقه؟

كنت أسخر بإيراد الوقائع الغريبة و المسألة على كل حال ليست جديدة ليقال إنها تحتاج لمؤتمر عام مرت في كل المؤتمرات وسكت عنها ولم تحل كان يفترض إعداد مرسوم عاجل يقوم على تحميل وزارة الإعلام التكاليف المادية لقضية تقيم النشر ودفعه إلى دور أفضل. وليس المقصود أن نخرق القوانين وكان يفترض تحميل أي ناشر تكاليف الموافقة وليس تحميل عضو الاتحاد  فإلى الآن يدفع صاحب الكتاب ألف وخمسمائة ليرة لأخذ موافقة النشر، لماذا لا تصبح عشرين ألفاً، والعشرون ألفاً تعادل أجرة تكسي لمرتين لبعض الأماكن!

المسألة في هذه الحالة تتعلق بأكثر من جهة. وبطريقة تعامل عامة يعاني منها الكاتب. ونحن بحاجة إلى عقله وفكره وانتمائه الوطني، وفي الوقت نفسه تحصينه من الاستهتار المؤسساتي به.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى