شم الهوا عند السوريين .. ياحرام !

 

خاص بوابة الشرق الأوسط الجديدة

هل رأيتم حدائق دمشق في عطلة العيد مساء ؟!

مثل يوم الحشر .. ولذلك حكاية ، فالدوائر الرسمية تعطل في سورية يومي الجمعة والسبت ، ويبقى من أيام الأسبوع خمسة أيام، فماذا لو جاء العيد في يوم الأحد أو الاثنين كما حصل في عيد الأضحى الأخير؟

بسيطة ..

تمنح الدولة اليوم الفائض عن عطلة العيد فتصبح العطلة إجازة طويلة تمتد من الخميس إلى الأحد بعد القادم ، أي عشرة أيام دفعة واحدة، فجلوس الناس في منازلها أفضل من تكديسهم في مؤسسات قليلة الانتاج .

فماذا يفعل السوريون بهذا الفراغ الطويل ؟!

ثلاث مشاكل تجابههم في عطلة من هذا النوع :

أولا ، الذهاب إلى القرى والمحافظات الأخرى بالنسب للذين يعملون خارج مدنهم ، وهذا يعني نفقات النقل الكبيرة سواء في السيارة الخاصة أو العامة. فأسرة تتألف من خمسة أشخاص عليها أن تدفع نصف راتب شهر لمعيلها الأساسي لكي تعود إلى محافظتها .

ثانيا ، السياحة الداخلية، ومساكين أولئك الذين يتورطون بالدخول إلى مطعم في منطقة قريبة من دمشق بدءا من الربوة ووصولا إلى طريق المطار أو التكية السليمانية فبلودان..

هناك يجري التعامل على أساس (الرأس) ، فكل مواطن هو (رأس)، والرأس  بخمسة آلاف حتى لو أكل بطاطا . وما أن يجلسون ويبدأ جلب أطباق الطعام من فجل وبصل ومايونيز وبطاطا ومتبل وبعض قطع اللحم حتى ينتهي الطعام ، ويقف الكرسون بانتظار طلبات جديدة، أو فالرحيل أفضل .

ثالثا ، البقاء في البيت ، وهذا يعني تلقائيا الجلوس أمام التلفزيون ، وأنت أمام أضيق الاحتمالات وتبدأ من حضور فيلم رشدي أباظة الزوجة العاشرة الذي عرض للمرة الألف ، وتنتهي بسماع أخبار أمريكا وإيران التي تشعرك أحيانا أن الحرب العالمية الثالثة على قاب قوسين أو أدنى !

أفضل حل وجده السوريون هو (شم الهوى) ، ولشم الهوا طرفة لها علاقة بشم النسيم في مصر، فالهواء المقصود هنا هو النقي ، او النسيم العليل كما يقولون ، وفي مصر يكسرون حالة شم النسيم برائحة الفسيخ وهو السمك المعفن مع البصل، فلا يبقى لا الشم ولا النسيم لأن الأنف يغلق تماما من الرائحة الكريهة ..

نعم .., السوريون يخرجون إلى شم الهوا .

تجدهم يجلسون على مقاعد الحدائق، وعلى أي بقعة عشب خضراء، وتحت أي شجرة، وتحت الجسر وفوق الجسر،  على الأرصفة وعلى قارعة الطريق ، مثل النمل ..

وترى الأطفال يلعبون والأمهات يأكلن البرغل والفلافل ويفصفصن بزر عباد الشمس الرخيص الذي يوقف الرأس عن التفكير..

كذلك ترى الآباء يجلسون بحالة شرود تام ، لايصدقون غدر هذا الزمان ، فيعمرون الأراكيل وينفثون الدخان، فيختلط الدخان مع كل ما ينبعث من حولهم من سيارات الميكرو العاملة على المازوت أو الدراجات النارية المهربة والمسروقة التي تزعق بشكل مفاجئ فتسبب القلق..

وشم الهوا على قدم وساق .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى