من أنت ؟ (1)

 

كثيرا ما يطرح علي مثل هذا السؤال عن تاريخ حياتي و إليكم ما أذكره أولا عن لسان الوالدة – رحمها الله – عن طفولتي فتقول أنني كنت مختلفا عن إخوتي تماما حين تقول لي و لهم فأنا الولد البكر الذي مشى في الشهر العاشر من عمره وتكلمت تماما في العام الأول منه و حين سمعت الفونوغراف في المقهى و كيف كنت أقلده في بعض أغانيه سارع أبي واشترى لي جهاز فونوغراف فصرت أقلده في بوقه فأقطف زهرة تشبه ذلك البوق و أجلس قربها و أقرب فمي من الزهرة و أدندن مثلا مقطعا من أغنية شائعة في أسطوانة للمغني الشعبي اللبناني ” عمر الزعني ” ” تعا ودع” وتعلمت السباحة في سن مبكرة في بركة على شاطئ البحر القريب من منزلنا في مدينة ” بانياس” الساحلية ووقعت مرة من عتبة داخل  البيت عالية بنصف متر تقريبا لكثرة حركاتي و كسرت عظمة أنفي التي لم أصلحها حتى الآن ..

و مما أذكره أنني كنت كثير الحركة و حدث أنني شاهدت إحدى الراقصات المحترفات ترقص في سهرة نسائية فقلدتها كما تقول لي أمي على الفور أمام النسوة الموجودات و صرت بعدئذ أصر على أن أرقص في تلك السهرات من دون الشعور بأي خجل …

و أذكر حين صرت تلميذا في المرحلة الإبتدائية أنني حاولت نظم الشعر حسب مواصفات القصائد التي كانوا يعلموننا إياها في المدرسة و هكذا في بدايات فتوتي صرت شاعر المدرسة الذي يستدعى في المناسبات لإلقاء بعضا من محفوظاتي أو منظوماتي في الحفلات المدرسية ثم أصدرنا بعد إنتقال وظيفة الوالد إلى اللاذقية أنا و زميلي العزيز – رحمه الله – ” محمد شيخ ديب ” مجلة مدرسية بإسم ” التلميذ” كنا ننسخ بأيدينا مواردها و نصورها بالألوان بأقلام التلوين المتنوعة على ثلاث نسخ نؤجرها بقروش مالية قليلة لزملائنا و كانت المجلة حافلة بالاشعار و الخواطر و الأقاصيص المترجمة أو بالفصحى العربية مع قسم خاص باللغة الفرنسية إذ كنا في ذلك الوقت نتعلم كل المواد الثقافية باللغتين العربية و الفرنسية و هكذا صرنا نتقن الفرنسية و العربية و نحن صغار في محافظة اللاذقية التي سميت لفترة قصيرة  ” دولة العلويين المستقلة ” إذ كان التعليم كله بالفرنسية منذ بداية العشرينات إلى أوسط الأربعينات .

هذا بعض من ذكريات الطفولة و بداية المراهقة و لا بأس أن أتابع سرد ما أستطيع تذكره فيما بعد عهد الطفولة والمراهقة حين أنتهت الحرب العالمية الثانية 1945 وعادت محافظة اللاذقية الساحلية إلى الجمهورية العربية السورية التي إستقلت تماما في بدايات عام 1946 وانتقلت وظيفة الوالد إلى العاصمة دمشق … وانتقلت  معه العائلة كلها إلى عاصمة الجمهورية السورية الوطنية دمشق….

( يتبع )

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى