تحليلات سياسية

من ستَكون الغلبة في الانتِخابات البرلمانيّة المغربيّة غدًا..

سيتَوجَّه أكثر من 17 مِليون ناخب مغربي إلى صناديق الاقتراع هذا الأربعاء لانتِخابِ برلمانٍ جديد، والحزب الذي سيحظى بالأغلبيّة، أو أعلى نسبة من مقاعد البرلمان سيُشَكِّل الائتلاف الحُكومي المُقبل. وتُفيد تحاليل وتكهّنات باحتِمال تَراجُع الحزب القائد للائتِلاف الحُكومي الحالي عن المنصب الأوّل حزب العدالة والتّنمية لصالح حزب التجمّع الوطني للأحرار الذي يتزعّمه الملياردير عزيز أخنوش، وزير الفِلاحة والصّيد، والمُقرَّب جدًّا من العاهل المغربي محمد السادس.

وتنحصر المُنافسة حول المركز الأوّل بين العدالة والتّنمية والتجمّع الوطني للأحرار، وهُما شريكان في الحُكومة الحاليّة، ولا يَستبعِد المُراقبون خلق حزب الاستِقلال المُفاجأة، وهو أقدم حزب في المغرب يعود تأسيسه إلى الأربعينات وتَزعّم الحركة الوطنيّة وقتها.

ويتَوفَّر حزب العدالة والتّنمية على 125 مِقعَدًا من مجموع 395 مِقعَدًا في البرلمان، بينما لا تزيد مقاعد مُنافسه التجمّع الوطني للأحرار عن 37 مِقعَدًا، والشّريك الثّالث في الحُكومة الحركة الشّعبيّة (27) مِقعَدًا. وأصبح العدالة والتّنمية برغماتيًّا، فهو هذه المرّة يُرَكِّز على شِعارات تَهُم الحياة اليوميّة للنّاس بعدما كان في الماضي يُرَكِّز كثيرًا على الشّعارات الإسلاميّة، فهو يتحدّث عن مُحاربة اقتِصاد الرّيع ومُحاربة الفساد، وقام عددٌ من زعماءه ومنهم رئيس الحُكومة السّابق بتوجيه اتّهامات إلى زعيم الأحرار أخنوش حول “المَصدر غير الشفّاف” لثروته.

في المُقابل، يُقَدِّم حزب الأحرار وصفةً اقتصاديّةً جذّابة لإغراء النّاخبين ومنها الرّفع من أُجور المُوظّفين وعلى رأسهم قِطاع التّعليم ثمّ تقديم مُساعدات إلى الفئات الفقيرة وخلق مِئات الآلاف من مناصب الشّغل للعاطلين.

ويَدخُل حزب العدالة والتنمية هذه الانتِخابات وقد أصبح عُرضَةً لشتّى الانتِقادات أهمّها أنّ عهده الحالي شَهِدَ أكبر تَراجُع للقُدرة الشّرائيّة وتَفاقُم الفوارق الطّبقيّة وعجزه عن مُحاربة الفساد، ثمّ توقيع أمينه العام سعد الدين العثماني الذي يشغل منصب رئاسة الحُكومة على اتّفاقيّات التّطبيع مع دولة الاحتِلال إسرائيل.

الدّولة العميقة، أو “المخزن”، الاسم الدّارج في المغرب لها، لا يرغب في استِمرار حزب العدالة والتنمية، ولهذا أعدّت وزارة الداخليّة أغرب قانون انتِخابي في العالم وهو ما يُسَمِّيه المغاربة “القاسِم الانتِخابي”، ويتَجلّى في اقتِسام أصوات النّاخبين الذين سوف لن يُصَوِّتوا يوم الأربعاء، وبهذا ستَفقِد المُقاطَعة أيّ معنى لها، وهذا يعني أنّه بعد فرز نسبة الأصوات المُدلَى بها سيتم اقتِسام الأصوات المُسَجَّلة بين الأحزاب، وهذا كافٍ كيّ يَحرِم حزب العدالة والتنمية من ثُلُثْ المقاعد وسيَصُب في صالح أحزابٍ أُخرى وخاصَّةً الصّغيرة. وكان حزب العدالة والتنمية قد عارَض القاسِم الانتِخابي واعتبره مَسًّا بالديمقراطيّة.

حزب الأصالة والمُعاصرة الذي يتَزعَّم المُعارضة ويحتل المرتبة الثّانية في عدد المقاعد (102 مقعد) تتراجع حُظوظه في القفز إلى الصّدارة، سواءً بسبب الخِلافات بين قِياداته، وتفوّق مُنافسيه وأبرزهم حزب التجمّع الوطني للأحرار بقِيادة أخنوش تحديدًا، بِما يملكونه من أموال، وحُضور قويّ على وسائط التّواصل الاجتماعي، وهُناك بعض المُراقبين يقولون إنّ مكانة هذا الحزب تراجعت لعدم نجاحه في مُنافسة الإسلام السّياسي، والإطاحة بحُكومة العدالة والتنمية.

وخرج رئيس الحُكومة السّابق والمُنتَمي للعدالة والتنمية عبد الإله ابن كيران الأحد الماضي في شَريطٍ على “الفيسبوك” تتبّعه عشَرات الآلاف من المغاربة مُوَجِّهًا رسالةً إلى “الدّولة العميقة” مفادها أنّ الدّفع بأخنوش إلى رئاسة الحُكومة هو المُغامرة باستِقرار البِلاد لأنّه يَفْتَقِد للشّخصيّة السياسيّة وهو رجل أعمال تحوم حوله شُبُهات، ونبّه ابن كيران إلى مُقاطعة الشّعب المغربي مُنذ ثلاث سنوات لشركات أخنوش بسبب الجشَع.

الدّولة العميقة في المغرب هي التي تتَحكّم إلى حَدٍّ كبير في المشهد السّياسي كانت قد خَسِرَت رِهانها في الانتِخابات الأخيرة على الأصالة والمُعاصرة للإطاحة بحزب العدالة والتنمية، ولا ترغب في تِكرار الخطأ نفسه في الرّهان على التجمّع الوطني للأحرار لأنّ فوز العدالة والتنمية بفَارقٍ واحِد من الأصوات يُؤهِّله دُستوريًّا لتشكيل الحُكومة، ووسط كُل هذا التّوتّر السّياسي وكثرة التَّكهُّنات، يذهب فريقٌ إلى القول بضَرورة الدّفع بحزب الاستِقلال إلى رئاسة الحُكومة.

وفي جميع الأحوال ستبقى “دار لقمان” على حالها مع تغييراتٍ بسيطةٍ لأنّ كُلّ الصّلاحيّات تبقى في يد المُؤسّسة الملكيّة وخاصَّةً الوِزارات الكُبرى الرئيسيّة مِثل الداخليّة والخارجيّة والدّفاع والشّؤون الإسلاميّة بل حتّى وزارة الماليّة يتم اختِيار خبير تقنوقراطي بلِباسٍ سياسيّ لشَغل المنصب.

 

 

صحيفة رأي اليوم الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى