أنسام صيفية

من نحن في هذا الكون ؟؟

هذا الكون:

أتذكر الأن في التسعين من عمري كل الأعياد التي شاركت في إحتفالاتها إسلامية كانت أم مسيحية ، ماذا كانت تعني هذه المناسبات في أيام الشباب ، و لماذا تغير مغزاها في نظري الأن عما كانت عليه في عهود الصبا التي غبرت ؟

لا شك أن كلمة ” عيد ” تحمل في طياتها معنى ” الفرح ” فلماذا لم تعد تحمله و أنا في هذا العمر الموغل في الزمان ؟

من المؤكد أن الإجابة السليمة على هذا السؤال ترتبط بمسألة العمر ، فإذا كان الفرح هو المناخ المبهج لأيام الشباب في الأعياد ذلك لأن الأسى هو المناخ الذي يرافق الأعياد لدى المسنين حين تأخذهم الفكرة بأن عاما قد إنصرم من حياتهم و أنهم يقتربون من موعد الموت .

هنا أجدني أمام سؤال وجودي عميق يحتاج إلى إجابة مقنعة نجدها في كون المسنين على عتبة الموت الموشك على تخطيها إلى عالم عدمي مجهول أي إلى مشاعر البؤس و الجهل و العدم حتى و لو إفترضنا جدلا أن الإيمان الديني ينقذ المسنين نسبيا من مشاعر الخوف و الحزن .

ماذا تعني إذن مشاعر الفرح في سن الصبا زمن الأعياد سوى أنها مشاعر طائشة لا تستند إلى حقائق وجودية ثابتة تعني أن الموت هو مصير الشباب و قد فقدوا عاما من حياتهم و أن الخوف من الموت شعور قد يصاحبهم كما يصاحب المسنين ، فهل هناك تفسير آخر لهذه الظاهرة البشرية عن الولادة و الفناء يفسر إختلاف المشاعر بين الشبان و المسنين سوى الشعور بالزمن الذي يلتهم حصة البشر من الحياة الدنيا و يقي الأحياء من مشاعر التشاؤم و الخوف .

يخيل لي أن لا سبيل إلى خلاص البشر من مشاعر الخوف و الحزن إلا في أن ينجح الواحد منا بربط عملية الوجود البشري بعملية الكون الكبرى نفسها على أن وجودنا أصلا ظاهرة كونية ، فما دام الكون لغزا غير قابل للتفسير المقنع للعقل البشري فهذا معناه أن ليس للفرح أو الحزن أي دور في ظاهرة الكون ما دامت جزءا منه ، و أن الوحيد الذي يعرفها مسبقا هو خالق الكون ، و هو وحده القادر على إجابتنا عن مغزى الوجود البشري بين حالة الولادة التي تعقبها  بعد زمن محدد حالة الفناء أو بتعبير آخر بين ظاهرة الوجود التي تعقبها عادة ظاهرة العدم .. و يجوز إذن إستبدال كل ذلك بظاهرة واحدة هي الظاهرة الكونية التي لا تعني سوى الوجود ، و ما نحن عندئذ سوى جزء منها سواء حين نولد أو حين نموت.. و لكن كيف يتم ذلك فلا أحد قادر على معرفته سوى أننا جزء من الظاهرة الكونية !..

فلنفرح إذن ما دام الكون موجودا فنحن إذن موجودون و لكن بشكل آخر لا يعرف أحد وصفه سوى خالقه ..

بوابة الشرق الاوسط الجديدة 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى