تحليلات سياسية

من هو زعيم حزب كاديما الجديد

شاؤول موفاز صاحب المسيرة العسكرية الطويلة أو من يلقب بالجنرال البارد ينجح في تحقيق مبتغاه بالتربع علي مقعد رئاسة حزب كاديما أكبر أحزاب المعارضة في إسرائيل, أمام خصمه في الانتخابات الداخلية للحزب تسيبي ليفني.

لم يشكل فوز موفاز على منافسته الوحيدة أي مفاجأة لدى أنصار الحزب وأعضاءه, وذلك لأنهم يعتبرون أن ليفني قد أضاعت عليهم وعلى حزبهم فرصة تشكيل الحكومة الإسرائيلية الحالية عقب فوزهم في الانتخابات العامة السابقة عام 2009، والتي حصلت فيها “كاديما” على 28 مقعداً في الكنيست الصهيوني في حين حصل “الليكود” على 27 مقعداً وعلى الرغم من ذلك فقد نجح نتنياهو في تشكيل الحكومة متحالفاً مع اليمين الصهيوني المتطرف بزعامة ليبرمان.

جاءت هزيمة ليفني كعقاب واضح لها من جمهور “كاديما” الذي يعتبرها بل ويتهمها بالمسؤولية عن تراجع الحزب وفشله بتقديم برنامج سياسي بديل لبرنامج “الليكود”، وكذلك فشلها في استثمار الحراك الاجتماعي في الصيف الماضي وتوظيفه ضد حكومة نتنياهو بغرض حجب الثقة عنها وإعادة زمام المبادرة لـ”كاديما” لإعادة تشكيل حكومة جديدة برئاسته.

أما الأسباب الأخرى لفوز موفاز فلا يخفى على أحد أن المجتمع الصهيوني يقدس المؤسسة العسكرية ويحترم العسكر وموفاز بطبيعة الحال كان قد التحق بالجيش عام 1966 وشارك في حرب عام 1967 – تحديداً في منطقة رفح – وتدرج بالمناصب العسكرية حتى أصبح رئيساً لهيئة الأركان، ثم عينه شارون وزيراً للدفاع عام 2002 وكانت باكورة أعماله أن قاد عملية السور الواقي التي استشهد فيها قرابة 250 فلسطينيا وشهدت معركة مخيم جنين وحصار كنيسة المهد في بيت لحم، بالإضافة لإشرافه على عمليات اغتيال العديد من القادة الفلسطينيين أبرزهم الشيخ أحمد ياسين وأبو على مصطفى وعبد العزيز الرنتيسي وغيرهم الكثير.

ومن ناحية أخرى يعتبر موفاز من صقور السياسيين الإسرائيليين ولطالما هدد وتوعد بمجابهة الأخطار التي تهدد أمن الكيان خاصة تلك المخاطر الخارجية ، مثل التهديد النووي الإيراني ، كذلك كان موفاز قد صرح مراراً بأنه يرغب بتزعم حركة الاحتجاجات الاجتماعية ضد سياسة الدولة وحكومة نتنياهو التي يعتبرها مجحفة بحق بعض فئات المجتمع الصهيوني وهي من أكثر العوامل الداخلية  استحواذاً على اهتمامات الجمهور الإسرائيلي.

فوز شاؤول موفاز بزعامة حزب كاديما له تداعياته الخطيرة على أكثر من صعيد فهو صاحب تاريخ عسكري طويل ومعروف عنه التمتع بقدرات في إدارة الصراع وبسياسة طول النفس في التعامل مع خصومه، وسيكون له إسهامات وأفكار أمنية وخطط عسكرية للتعامل مع غزة بحجة فرض حالة من الأمن في جنوب فلسطين المحتلة، كما يعتقد أن تكون تلك الخطط قائمة على الضرب العنيف لغزة مع توفير غطاء سياسي لذلك خاصة وأنهم لا يفصلهم عن الانتخابات العامة إلا القليل ومن المتوقع أن يكون له حظوظ وافرة بتشكيل الحكومة القادمة.

وعلى صعيد الاستيطان فسيشهد الاستيطان – في عهده – حركة نشطة في الضفة الغربية المحتلة وما ذلك لشيء إلا لأنه لم يكن يوماً من الأيام إلا داعماً للمستوطنين وهو يعتبر من منشئي مستوطنة “القناة” التي أقيمت عام 1977 في شمال الضفة الغربية، ومؤخراً شهدت سيرته مناصرة واضحة ودعماً أكيداً وقوياً لجهود المستوطنين ومشاريعهم بصفته رئيساً للجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست الصهيوني.
أما في السلام مع الفلسطينين، فهو يتبنى موقفاً مماثلاً لموقف سلفه ليفني الداعي الى العمل على استمرار المفاوضات لتحقيق غاية واحدة، وهي تحسين صورة إسرائيل في العالم، ولتمكينها من شن الحروب وفي الوقت نفسه أن تكون ذرائعها مقبولة. يزيد موفاز على ليفني أنه طرح في تشرين الثاني (نوفمبر) 2009 خطة تحايلية قوامها الإعلان عن دولة فلسطينية على مرحلتين، فينسحب الجيش الإسرائيلي في المرحلة الأولى “من مناطق” في الضفة الغربية، ثم تجري مفاوضات فلسطينية إسرائيلية، لمدة لا تتجاوز سنة واحدة، للتوصل الى الحل الدائم والإعلان عن “دولة فلسطينية مستقلة”. ويكون التفاوض مع “حماس” مقبولاً على هذا الأساس، وبالطبع يؤكد موفاز في خطته، على بقاء الكتل الاستيطانية في الضفة، وعلى التمسك باحتلال القدس الشرقية.

أما بالنسبة للملف الإيراني ففي الظاهر سبق وأن صرح علانية أنه ليس معنياً بمواجهة إيران عسكرياً وان هذا الأمر من مهمة العالم الحر والدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وأنه لا يجب على إسرائيل أن تواجه الخطر الإيراني منفردة، لكن التحليل المنطقي لشخصيته العسكرية يقول أنه ربما يتخذ موقفاً مغايراً تماماً إذا وصل إلى السلطة، وذلك لأهداف لها علاقة بالانتخابات العامة والحزبية وبما يضمن له امتياز الزعيم القومي مما يحقق له إمكانية البقاء في السلطة أكبر مدة ممكنة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى