نجوم سوريا عالقون عند نقطة المصنع

استطاعت الدراما السورية أن تحجز لنفسها مربّعاً دافئاً في قلوب المشاهدين العرب، وأصبحت أيقونة جميلة، عن بلد أنهتكه الحرب. ويبدو أنّ بعض عناصر الأمن العام على الحدود اللبنانيّة، لا يدركون ذلك، أو يتجاهلونه، إذ باتوا يستوقفون الممثّلين السوريين المتجهين إلى بيروت، ليس رغبةً بالتقاط صورٍ تذكارية معهم كما جرت العادة، وإنمّا بهدف إهانتهم. المؤسف أنّ هذه الممارسات لا تقتصر على نجوم الدراما فقط، بل هي جزء من سياق، إذ تتكرّر الأحداث المماثلة مع مواطنين سوريين كثر، أثناء عبورهم من الأراضي السوريّة إلى الأراضي اللبنانيّة.

بالتزامن مع تصوير مشاهدها مع فريق مسلسل «في ظروف غامضة» لفادي قوشقجي والمثنّى صبح في دمشق، تتلقّى الممثلة السوريّة ندين تحسين بك دروساً في مبادئ وفنون الإخراج السينمائي في بيروت، ما يستدعي تنقّلها بصورةٍ أسبوعية بين العاصمتين. غير أنّ رحلتها الأخيرة إلى لبنان (23/10/2014) اصطدمت بسلوكٍ غير مقبولٍ من أحد عناصر الأمن العام، الذي تعمّد الإساءة إليها، وطلب منها أن تعود لتقف في آخر رتل المغادرين و«تنتظر الفرج». ذلك ما جعل نجمة «سكّر وسط» تنقل شكواها إلى أحد الضباط، ليتدخّل الأخير ويهيئ الظروف لعبورها. واستصدرت تحسين بك لاحقاً وثيقة من المعهد الذي تدرس فيه، تُثبت أنها طالبة في مؤسسة تعليمية لبنانية، لعلّ الوثيقة تردّ عنها مضايقات بعض عناصر الحدود وتجاوزاتهم.

تكرّر المشهد ذاته مساء أمس الأوّل، مع أمل عرفة هذه المرّة. كانت الممثلة السوريّة متوجهة من دمشق، حيث بدأت تصوير دورها في مسلسل «الغربال 2» لسيف رضا حامد ومروان بركات، إلى الأراضي اللبنانيّة، لتصل إلى نقطة المصنع عند منتصف الليل. أحد عناصر الأمن العام رفض السماح لها بدخول لبنان، من دون تقديم أسباب واضحة لذلك. وعندما أخبرت العنصر أنها تقيم في بيروت، وأنّها تزور لبنان بشكل دوري من دون التعرض لموقف مماثل، أجابها قائلاً: «قريباً سنجبركم على طلب فيزا لزيارة لبنان». ابتسمت أمل، وردّت: «وأنتم أيضاً». فعلّق العنصر متهكّماً: «ليش مين بدّه يجي لعندكن؟»، لتنهي عرفة الجدال قائلةً: «أتمنّى ألا تحتاجونا مرّة جديدة».

تدخّل أحد عمداء الأمن العام في نقطة المصنع لحلّ الإشكال، واعتذر من الممثلة السوريّة التي طلبت منه ألا يعاقب العنصر الذي أساء إليها. لكنّ الضابط أصرّ على ضرورة اتخاذ الإجراء المناسبِ بحقه، تأكيداً على أنّ تصرّفه فردي، ولا يمثّل المؤسسة بأكملها. حلّت الأزمة، وعبرت عرفة الحدود، متوجّهة إلى منزلها في أدما، علماً بأنّها ستبقى ليومين فقط، بهدف الاطمئنان على ابنتيها مريم وسلمى، اللتين تدرسان في إحدى المدارس اللبنانية.

نجوم الدراما لم يصنعوا الاستثناء هذه المرّة، فالمعاملة السّيئة التي لقيتها ندين تحسين بك، وأمل عرفة، يلقاها أغلب السوريين على الحدود مع لبنان. وعلى الرغم من الجلبة التي تثيرها هذه القضية في أروقة الإعلام والرّأي العام، إلّا انّها لم تدفع المسؤولين في لبنان لاتخاذ إجراءات حاسمة، تمنع تكرار مشاهد مماثلة. مع العلم بأنّ كفاءات سوريّة كثيرة تعيش وتعمل في بيروت، خصوصاً في مجال الدراما، مع انتقال جزء من عمليّات الإنتاج والتصوير إلى الأراضي اللبنانيّة. ممثلون وتقنيون ومخرجون وكتّاب اتخذوا من لبنان مقرّاً لإقامتهم، ويساهمون في تحفيز عجلة الإنتاج الدرامي.

البحث في الأسباب الظاهرة صار واجباً على المعنيين، كما أنّ تحسين واقع السوريين الذين يقفون لساعاتٍ طويلة في طوابير تنتظر العبور نحو لبنان صار إشكالاً يحتاج الى حل عملي، ينهي مسلسل الإهانات، قبل أن تطول حلقاته على طريقة الدراما التركيّة.

صحيفة السفير اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى