نورس و ميس في( العراب ):نموذج لعلاقة الكاتب و الصحفي بالسلطة

 

 خاص بوابة الشرق الأوسط

ينتقل نورس من خيبة إلى خيبة في مسلسل العراب، والذي تعيد عرضه بعض المحطات العربية بسبب وفاة مخرجه السوري حاتم علي . الدكتور نورس، الكاتب والصحفي والأستاذ الجامعي ، رجل فقير يعيش في بيئته الفقيرة كعنصر إنساني ودود وطيب وخدوم . وبذلك فهو يشكل القطب الآخر لرواية المسلسل الذي قدمه المؤلف رافي وهبة، وأكمله خالد خليفة وأحمد القصار في الجزء الثاني . كمقابل ومواجه لأبو عليا ومجموعة المافيات المتنفذة والمسيطرة .. طيبة وإنسانية المثقف الكاتب الصحفي بموازاة ومقابلة العائلات المسيطرة المتنفذة الجبارة و المجرمة.

منذ البداية يتقاطع نورس بـ ( أبوعليا )، عندما تعلق إبنته المتخلفة عقلياً ( لونة) بنورس و طيبته، فيعطف عليها و يؤويها، وتكون النتيجة أن يسجنه أبو عليا، و يطرده من عمله في الجامعة ومن الجريدة التي يملكها . . التقاطع الثاني بين نورس والسلطة يحدث عندما يعرفه صديقه المخرج عصام على ميس صاحبة مجلة فنية . ولأن ميس إبنة عائلة موازية لعائلة أبو عليا و شريكة لها فإنها تجد في نورس نموذج ملفت للنظر ومختلف عن المعجبين الذين يلاحقونها . فتميل له، وتتقرب منه، وتوظفه في مجلتها مسلمة له المجلة ليفعل بها ما يشاء . و عندما تعرف أنه كاتب رواية ، وأن حلمه أن ينشرها، تحتفل معه بإنجازها، وتهديه طباعتها في بيروت بعيداً عن الرقابة وبورق وغلاف جيد … و في أحد الأيام يفاجأ نورس بمن يصل إلى بيته حاملاً نسخ الرواية . ينزلها إلى البيت كهدية من ميس . يتصل نورس ليشكرها و يسألها لماذا أرسلت له كل النسخ، ولماذا لم توزعها، فتجيبه ( وعدتك أطبع لك ألف نسخة . هي طبعتهم . و صاروا عندك . أنت بقى أتصرف . أنا عملت االلي علي )، ولأول مرة يحس نورس أن روايته عبء عليه . احتلت البيت، ولا يعرف ماذا يفعل بها، وكيف يوزعها، ويقول لصديقه . أتمنى أن احرقها بكل نسخها .

أبو عليا كافأ نورس بالسجن وطرده من الجريدة ، وميس وجدت فيه نزوة مسلية . طبعت له الرواية ، ورمتها في وجهه . أبو عليا رد على طيبة وثقافة وإنسانية نورس بالسجن والطرد .. و ميس ردت على شباب و تميز نورس بأن جعلته نزوة تتسلى بها . و جعلت روايته نسخاً مطبوعة ، ووضعتها على قلبه بدل أن تنشرها وتوزعها … و كان المسار كله نموذجاً لتعاطي أصحاب السلطة والنفوذ مع الصحفي والكاتب . مجرد خادم، أو نزوة تسلية، يرمى لخيباته في أي لحظة . أو يودع السجن لأنه مشكوك به حتى لو رعى بنتهم المعاقة . أو جارى نزوات أبنتهم المدللة ميس . . و قد نجح حاتم على في تجسيد و تمثيل خيبات الإنسان البسيط الفقير و الكاتب المتنقل من خيبة إلى خيبة على يد مافيا نفوذ السلطة … و مهما كان المجرم أو الفاسد فإنه يتمتع بضمير ما . أما الفاسد المتنفذ الذي يقتل الكاتب والصحفي بالخيبات فهو فاسد بضمير قاتل ومخرب .. ربما أراد نورس أن يقول ذلك ، بطيبة و ود، وهذه مفارقته وهذا ضميره المختلف.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى