“نيويورك تايمز”: خامنئي يريد أن يكون الثأر لسليماني إيرانياً صريحاً

 

ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية أنه في الساعات المشدودة التي تلت الاغتيال الأميركي للقائد العسكري الإيراني البارز الفريق قاسم سليماني، ظهر المرشد الأعلى للبلاد، آية الله علي خامنئي، في ظهور نادر في اجتماع لمجلس الأمن القومي لوضع المعايير لأي انتقام مرتقب لمقتل سليماني. ونقلت الصحيفة عن ثلاثة إيرانيين كانوا على اطلاع بالاجتماع يوم الاثنين، إن السيد خامنئي قال إن الانتقام يجب أن يكون هجوماً مباشراً ومتناسباً على المصالح الأميركية.

وأضافت الصحيفة أن كان ذلك “بمثابة توجه مفزع للقيادة الإيرانية. فمنذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في عام 1979، كانت طهران تقريباً تخفي هجماتها وراء تصرفات الوكلاء الذين كانت تزرعهم في جميع أنحاء المنطقة”. ولكن في الغضب الناجم عن مقتل القائد العسكري، اللواء قاسم سليماني، الحليف المقرب والصديق الشخصي للمرشد الأعلى، كان آية الله خامنئي على استعداد للتخلي عن تلك الاحتياطات التقليدية.

كان غضب الأمة على مقتل القائد على الهواء مباشرة يوم الاثنين، حيث تدفق ملايين الإيرانيين إلى شوارع طهران لحضور موكب جنازته وبكى السيد خامنئي علانية على النعش.

فبعد أسابيع من الاحتجاجات العنيفة في جميع أنحاء البلاد ضد الفساد وسوء الحكم، سار الذين انتقد الحكومة والذين ساندوها معاً، متحدين في غضب. كانت قطارات ومحطات الأنفاق مكتظة بالمشيعين قبل ساعات من بزوغ الفجر، وأحضرت العائلات أطفالها وهم يحملون صوراً للجنرال سليماني.

وقال السياسي الإصلاحي صادق خرازي إنه لم يرَ جموعاً بهذا الحجم منذ تشييع مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله روح الله الخميني عام 1989.

وأعلن الجنرال حميد صرخيلي من “حرس الثورة”: “نحن على استعداد للقيام بثأر شديد ضد أميركا. القوات الأميركية في الخليج الفارسي والعراق وسوريا في متناول أيدينا”.

وهتف الحاضرون في التشييع في مقطع فيديو شاركته صحيفة “نيويورك تايمز”: “لا مفاوضات أو صفقة، فقط حرب مع أميركا”.

وقد حض أحد المنشدين المشهورين وعضو “حرس الثورة”، صادق أهانغران، الحشود الجنائزية على رفع أصواتهم حتى “تستطيع أميركا اللعينة أن تسمعكم” وعلى “تلويح الأعلام تحضيراً للحرب”.

شكلت التعهدات العلنية المتزايدة باتخاذ إجراء مباشر يوم الاثنين أحدث تحدٍ من إيران للرئيس الأميركي دونالد ترامب. فخلال عطلة نهاية الأسبوع، هدد الرئيس ترامب مراراً بالرد على أي هجمات ضد المصالح الأميركية من خلال إصدار أوامر بشن غارات جوية ضد ما يصل إلى 52 هدفاً محتملاً، هدف لكل رهينة أميركي تم احتجازه بعد الاستيلاء على سفارة الولايات المتحدة في طهران عام 1979.

في المقابل، رد الرئيس الإيراني المعتدل حسن روحاني يوم الاثنين بعدد خاص به. وقال على تويتر: “يجب على أولئك الذين يشيرون إلى الرقم 52 أن يتذكروا الرقم 290″، في إشارة إلى الضحايا الإيرانيين الـ290 الذين قُتلوا في عام 1988 في حادث إسقاط طائرة ركاب إيرانية بطريق الخطأ بواسطة سفينة حربية أميركية. وأضاف روحاني: “لا تُهدد الأمة الإيرانية أبداً”.

وقالت “نيويورك تايمز” أنه “أين ومتى وحتى إذا كانت إيران قد تختار الانتقام يظل ذلك مسألة تكهنات. وبينما كان القادة الإيرانيون يزنون بالضبط الشكل الذي قد يتخذه الثأر، قال المحللون إن الأهداف شملت القوات الأميركية في سوريا والعراق المجاورتين، والقواعد الأميركية في الخليج الفارسي أو السفارات أو الدبلوماسيين الأميركيين في أي مكان تقريباً”.

وأضافت الصحيفة أنه “عندما أظهرت محاولات سابقة لضربات مباشرة أو اغتيالات عدم نجاحها، أشار البعض إلى أن المتشددين المدعومين من إيران قد تحولوا إلى الأسلوب الأبسط المتمثل في قتل المدنيين بالتفجيرات”.

كان هذا هو التسلسل في عام 2012 مع حزب الله اللبناني المدعوم من إيران. فبعد فشل محاولات مهاجمة أهداف إسرائيلية أو قتل مسؤولين إسرائيليين انتقاماً لمقتل أحد قادة الجماعة، استقر النشطاء في نهاية المطاف على المهمة الأسهل المتمثلة في تفجير حمولة حافلة من السياح الإسرائيليين في بلغاريا، حسبما قال أفشون أوستوفار، باحث إيراني في كلية الدراسات العليا البحرية الأميركية. وأوضح أوستوفار: “نحن في أرض مجهولة، وحقيقة الأمر لا أحد يعرف كيف سترد إيران. لا أعتقد أنه حتى إيران تعرف كيف. لكنني أعتقد أن هناك رغبة بالانتقام الآن في حرس الثورة”.

وتابعت الصحيفة أنه خلال تشييع سليماني، دعا البعض إلى الانتقام الذي سيعيد تشكيل المنطقة. وقال الجنرال أمير علي حجي زاده في التشييع: “حتى لو هاجمنا جميع القواعد الأميركية وحتى لو قتلنا ترامب نفسه، فهذا ليس انتقاماً كافياً” يجب علينا إخراج جميع القوات الأميركية من المنطقة تماماً”.

ورأت “نيويورك تايمز” أنه يبدو حالياً أن المسؤولين الإيرانيين ليسوا في عجلة من أمرهم للرد على الولايات المتحدة، وربما يتمتعون بقدرتهم على نشر القلق في جميع أنحاء الغرب. ويبدو أنهم راضون عن الاندفاع نحو الزيادة الوطنية في شعبيتهم وتزايد التعاطف الدولي والدفع لطرد القوات الأميركية من العراق. وقالت سانام فاكيل، الباحثة في شؤون إيران في “تشاتام هاوس”، وهو مركز أبحاث في لندن: “لا أعتقد أنهم يريدون تغيير المحادثة بعد”. وأضافت: “لكن بالنسبة للمتشددين الذين يسيطرون على مجلس الأمن القومي الإيراني، فإن بعض الانتقام القوي سيكون الرد العقلاني الوحيد. قد يظهر عدم الرد ضعفاً إيرانياً ويستدعي مزيداً من الضغط (على إيران)، مما يخلق لها مشاكل في السياسات الداخلية والدولية”.

ترجمة: هيثم مزاحم – الميادين نت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى