هل انتهى زمن الاخوان؟

لم تعد جماعة الاخوان ذات نفع لحلفائها. فبعد سحب البساط من تحتها في مصر وتونس ومساهمتها في صناعة الوضع الرث في اليمن صارت عبئاً ثقيلاً على القوى التي تمولها أو تصطف معها.

تأخرت دولة قطر في فك ارتباطها بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين. ذلك لان تلك الحركة السياسية ذات الغطاء الديني صارت اليوم جزءا من الماضي. لا لأن منطلقاتها النظرية قد استنفدت قدرتها على التعبئة الشعبية، بل لأن الجماعات والاحزاب الدينية التي تتلمذت في مدارسها فاقتها في فنون التطرف والتشدد ومحاربة المجتمعات المدنية والتمثيل بها.

إذا ما كانت سنة اخوانية في حكم مصر قد جعلت الشعب المصري مطلعا على الحقيقة الاجرامية لذلك التنظيم فإن مخلفات الاخوان المتمثلة اليوم على الاقل في حزب الدعوة الذي يحكم العراق وتنظيم داعش الذي أعلن عن اقامة دولة الخلافة الاسلامية بدءا من أجزاء من العراق وسوريا هي الدليل الواقعي الملموس على أن التنظيم العالمي للإخوان المسلمين لم يكن إلا مدرسة لتخريج المجرمين واللصوص وقطاع الطرق.

لذلك كانت صادمةً فضيحةُ العلاقة الجذرية بين دولة صغيرة ومسالمة كما ينبغي أن تكون مثل قطر وتنظيم اجرامي اتفق اعضاؤه بعد مبايعة مرشده العام على اعادة صياغة الخرائط السياسية بما يتفق ومبدأ أنشاء دولة الخلافة بعد اصلاح ما فسد من أخلاق المجتمعات المسلمة التي هي من وجهة نظر الاخوان قد ارتدت عن الاسلام وكفرت وحق عليها القصاص.

الآن لم تعد جماعة الاخوان ذات نفع لمن يمولها أو يصطف معها. فهي بعد أن سحب الشعب المصري البساط من تحتها وبعد أن لفظتها ارادة الشعب التونسي خارج المسرح السياسي وبعد أن ساهمت بعمق في صناعة الوضع الرث الذي يعيشه اليمن اليوم صارت عبئا ثقيلا على القوى التي كانت تفكر في أن تتخذ منها اداة لإشاعة الفوضى في عدد من الدول العربية.

من المؤكد أن الحكم في هذه القضية يشمل تركيا، لا لأن نظام اردوغان لم يخف نزعته الاخوانية المتأصلة، حسب بل وأيضا لأن ذلك النظام كان قد جعل الطرق سالكة أمام الاجيال الاخوانية الجديدة للتسلل إلى الاراضي العراقية والسورية من اجل ممارسة أعمالها الارهابية.

غير أن دور تركيا وإن كان فاعلا من جهة ضرره والنتائج الكارثية التي أدى إليها، فإنه كان محدودا وملحقا بالدور القطري الذي سيكون دائما محفوفا بالألغاز الغامضة من جهة أسبابه ودوافعه وقصر النظر السياسي الذي رافقه.

فهل كانت قطر محتاجة إلى ذلك التنظيم؟ وما هو الهدف الذي أهدرت من أجله المليارات؟ بالتأكيد لم يكن ذلك الهدف دينيا، بالمعنى الدعووي. فلا حماس ولا بوكو حرام ولا جبهة النصرة من غير أن ننسى حزب الله اللبناني الذي قدمت إليه قطر الكثير من المعونات هي تنظيمات تعمل من أجل نشر الاسلام أو على الاقل توعية الناس اسلاميا. وهو امر لم يعد ذا معنى في عصر الدولة الحديثة.

هل كان الدور القطري يحمل بين طياته استرسالا في ما شهدته ثمانينات وتسعينات القرن الماضي من دعم لفصائل المجاهدين الافغان والقاعدة ومن ثم انتقل ذلك الدعم إلى طالبان؟

ولكن الا يعني ذلك أن قطر كانت منفصلة عما يجري من حولها من تداعيات؟

لذلك قلنا أن قطر تأخرت كثيرا. ولكنه التأخر الذي دفعت ثمنه شعوب عديدة غاليا. وهو ما لا يمكن تعويضه، لا بالمال ولا بالنيات الحسنة.

تاريخيا كانت قطر قد وضعت نفسها في موقع الراعية لخراب شامل لن يكون الخروج منه بالأمر اليسير.

ربما سيمد لها المصريون يد الثقة، لكن بحيطة وحذر ولكن ماذا عن السوريين والعراقيين الذين أحرقت نار داعش أفئدتهم ولا تزال شياطينه تحلق في سمائهم؟ وهو ما لا يرى المرء له حلا.

شيء من اللامعقول كان يحيط السياسة القطرية بجنونه. فهل ستنجح قطر في تنظيف سريرتها من ذلك المرض؟

ميدل ايست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى