هل بدأت قرارات قمّة بحر الميّت السريّة تُكشف

يبدو أنّ القرارات “السريّة” التي اتُخذّت في القمّة العربيّة الأخيرة في البحر الميّت، بدأت تطفو بشكلٍ أوْ بآخرٍ على السطح. حيث بات ساسة تل أبيب، يتحدّثون وبفم مليء عن السلام الإقليميّ مع الدول العربيّة، فيما لاحظ المُحللون في إسرائيل أنّ العرب قدّموا تنازلاً إضافيًا عندما قرروا تعديل مصطلح التطبيع الكامل مع دولة الاحتلال، بمُصطلحٍ أكثر سلاسةً وانفتاحًا وهو المُصالحة التاريخيّة مع إسرائيل.

المُحلل الإسرائيليّ عكيفا إلدار رأى أنّ العاهل الأردنيّ لعب في القمّة الأخيرة الدور الذي أُنيط به من قبل الإدارة الأمريكيّة، وقال في تحليلٍ نشره إنّه عندما يضع القادة العرب على طاولة الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، صفقةً جيدّةً فلن يُسارع إلى التخلص منها، ولكن بالمُقابل، أوضح المُحلل، فإنّ اليمين الحاكم في إسرائيل يراهن على أنّ العرب الذين تنازلوا أولًا وثانيًا بإمكانهم التنازل ثالثًا ورابعًا وعاشرًا، على حدّ تعبيره.

ونقل الدار عن وزيرة الخارجيّة السابقة تسيبي ليفني قولها إنّها خلال لقاء أجرته مع قادة عرب يتبعون الجامعة العربيّة سمعت على ألسنتهم بأنّ المبادرة العربية ليست نهائيةً، وأنّها منفتحة على التفاوض، وقبل أربع سنوات، أعرب وفد الجامعة العربية عقب لقاء مع وزير الخارجية حينها جون كيري عن الاستعداد للقيام بإصلاحات لحدود الـ67 وتبادل الأراضي بين الفلسطينيين وإسرائيل.

بناءً على ما تقدّم، كان كشف وزير المواصلات والاستخبارات الإسرائيليّ يسرائيل كاتس، عن مشروع سكة السلام الإقليميّ، خلال مؤتمر صحافي عقده ، هو إشارة أخرى على مخططات إسرائيل للقضاء على ما تبقّى من فلسطين، خصوصًا وأنّ الكشف جاء بعد يومين فقط على لقاء ترامب، مع الرئيس المصريّ، عبد الفتاح السيسي، والذي اعتبره محللون إسرائيليون نواة تحضير قمة إقليمية قد يشهدها الصيف المقبل، وتفضي إلى تسويةٍ عربيّةٍ إسرائيليّةٍ في ما يخص مجمل الصراع في المنطقة، وخاصة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ومن الأهميّة بمكان الإشارة إلى أنّ الأنظمة العربيّة الرسميّة باتت تتحدّث عن حلّ النزاع مع إسرائيل باعتباره خلافًا بينها وبين الفلسطينيين فقط، خصوصًا وأنّ الدول المُعتدلة، وفي مقدّمتها العربيّة السعوديّة أصبحت تعتبر “التمدد الإيرانيّ” تهديدًا إستراتيجيًا، وفي هذه النقطة تتساوق مصالحها مع حكومة نتنياهو، التي تُشدد على أنّ إيران تُشكّل تهديدًا وجوديًا على إسرائيل.

مُضافًا إلى ذلك، فإنّ توقيت كشف امشروع السكّة الحديديّة من قبل الوزير كاتس أتى بعد وقت قصير على حضور مبعوث ترامب الخاص إلى المنطقة، جيسون غيرنبلات، في القمّة العربيّة كمراقبٍ على المجريات، وبعد زيارته رام الله وتل أبيب، حيث انبهر من مشروع السكة، كما قال كاتس خلال المؤتمر الصحافيّ.
وبحسب الخريطة التي عرضها كاتس فإنّ سكة السلام الإقليميّ ستنطلق من مدينة حيفا إلى بيسان، لتمر عبر جسر الشيخ حسين الذي يربط بالأردن، ومن هناك إلى مدينة إربد شمالاً، ومن ثم إلى دول الخليج العربيّ والسعودية. وكشف الوزير كاتس النقاب عن أنّ هناك محادثات مهمة مع دولٍ عربيّةٍ بشأن مشروع السكة، وتابع قائلاً، كما أفادت صحيفة (هآرتس) أنّه متفائل جدًا من احتمالية الدفع بالمشروع، الذي سيُساهم في تقوية الأردن وتحويلها إلى مركز مواصلات، إذْ ستُمكّن السكة ليس فقط من الوصول إلى موانئ حيفا، وإنمّا أيضًا إلى كل أنحاء الخليج العربيّ، كما ستكون بمثابة جسر بريّ لمواطني الدول العربيّة المذكورة، يسهل عليهم الوصول برًا إلى ساحل البحر المتوسط، بحسب تعبيره.

وساق قائلاً إنّ غرينبلات أعجِبَ جدًا بالمشروع ووعد بطرحه أمام الرئيس ترامب، وخلال الأيام الماضية، كانت هناك محادثات بين تل تل أبيب وواشنطن في هذا الصدد، كذلك فإنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أثنى على المشروع، كما أكّد.
بالإضافة إلى ذلك أشار إلى أنّ لسكة القطار رؤية اقتصادية، وأيضًا إستراتيجية،، مضيفًا أنّها ستُتيح عبورًا بريًا آمنًا، وتوفر على الدول العربية على المستوى الاقتصاديّ، للوصول إلى شواطئ المتوسط، وأوضح أنّ طول المسار البحريّ الذي يبدأ من الميناء المركزي في السعودية، الدمام، ليصل إلى البحر المتوسط عبر قناة السويس، يبلغ 6000 كيلومتر، بينما «عن طريق اليابسة عبر إسرائيل للوصول إلى ميناء حيفا، يبلغ فقط 600 كيلومتر.

وذكرت الصحيفة أنّ كاتس أوضح لمبعوث ترامب أنّه لا يطلب دعمًا ماليًا أمريكيًا للمشروع، وإنمّا يطلب فقط تشجيع الأردن والسعودية ودول الخليج لقبول المشروع، إذ أنّ السكك الحديدية التي ستمر في الدول العربية ستقوم بتمويلها شركات خاصة بغية الربح الماليّ.
علاوة على ذلك، أشار الوزير كاتس إلى أنّ شركة القطارات الإسرائيليّة بصدد ربط الضفّة الغربيّة المُحتلّة بشبكة القطارات التابعة للدولة العبريّة، في إشارةٍ واضحةٍ إلى أنّ تل أبيب تعمل على ربط الضفّة الغربيّة بإسرائيل، ارتباطًا كليًّا لمنع إقامة دولةٍ فلسطينيّةٍ وضمّ المناطق المُحتلّة بطرق ووسائل التفافيّة للسيادة الإسرائيليّة.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى