هل تبدأ الصين وساطة لحل الأزمة الأوكرانية ؟؟
منذ بدء (العملية العسكرية) الروسية في أوكرانيا تركزت أنظار الغرب بقيادة أمريكا على الصين والتعامل مع بكين وفق مسارين: الأول الخشية الغربية من إنخراط الصين في مساعدة روسيا ضد أوكرانيا، والثاني السعي لإبقائها متمايزة عن الاستغراق الروسي العسكري في أوكرانيا. وبعد ثلاثة أسابيع على اشتعال الأزمة الاوكرانية وتمايز المواقف الصينية بالفعل فإن العالم وليس الغرب وحده بات يرى في الصين القوة الأكثر تأهيلاً لإنجاز وساطة تؤدي إلى حل يوقف المعارك ويرسم اتفاقاً ما.
قبل الدخول الروسي العسكري إلى اوكرانيا بأسابيع، وبعد مباحثات بين بوتين والرئيس شي قال الرئيس الصيني ( إن صداقة الصين مع روسيا لا حدود لها) وهو الموقف الذي جعل الغرب يتوجس من دعم عملي صيني لعملية روسيا العسكرية. ولكن جاء تصريح المتحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن للفاينانشال تايمز بأنه (لا علم لنا بأي اقتراحات لمساعدة روسيا) ليؤكد موقف الصين القائم على إدانة سياسات الناتو التوسعية، وتفهم الهواجيس الأمنية الروسية مع الامتناع عن دعم العملية العسكرية كما جرى في تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة. وهذا الموقف الصيني الصديق لروسيا المتفهم لهواجسها والممتنع عن دعم الحرب يجعل من الصين الجهة الأكثر تأهيلاً لممارسة واسطة تفضي إلى وقف القتال وإنجاز تسويه تحقق السلام، فماذا تعني هذه الوساطة؟؟ ومن الذي يدفع الصين للقيام بها؟؟
بكثير من العقلانيه السياسية تتابع الصين بناء عظمتها ولا تترك لأي عواطف أيديولوجية أن تؤثر على مسارها التراكمي، ومع تمسكها بصداقتها وتعاونها وتماثل مواقفها مع روسيا تجاه الغرب، إلا أنها ومنذ إندلاع الأعمال العسكرية تتابع بكين بدقة مجريات الاحداث، وتتأنى في اتخاذ هذه المواقف. ويبدو أنه بات واضحاً لها وللجميع أنها القادرة على وقف الحرب وإحلال السلام في أوروبا و إنقاذ العالم من مزالق انفجار محتمل، وإن شعرت الصين بحق أنها بوساطتها وإنجازها للحل ستحتل مكانة عالمية تضيئ عظمتها وتشع بقوة سياساتها وتشي بحرصها على السلام الدولي. وربما هذا ما يدفع بكين لإستثمار مونتها على بوتين وعلاقتها بأوكرانيا وقوة تأثيرها الدولية لتنجز ما عجز عنه الآخرون تسوية وحلاً ينتجان أمناً وسلاماً في أوروبا والعالم. ألم تصرح الخارجية الصينية قبل يومين أن (الأولوية الآن للتأكد من عدم انزلاق الأزمة الاوكرانية بعيداً عن السيطرة)؟؟
بينما تمارس الصين حكمة استراتيجية بابتعادها عن العواطف الأيديولوجية المراهقه وباتخاذ مواقف تناسب مستجدات الأحداث بما يخدم مصالحها ومصالح حليفتها روسيا والسلام الدولي. وبمسارها الاستراتيجي هذا فإن الصين تتطلع اليوم إلى مكانة دولية متميزة وليس على الغرب بقيادة أمريكا إلا فتح الباب لها ودعوتها وفرش سجادة الريادة للسلام على يديها، خاصة وأنها امينة على مصالح روسيا ومتفهمة لهواجسها الأمنية تجاه الناتو وحريصة على السلم والأمن الدوليين.
من الأكيد أن إقدام الصين على التوسط لأنهاء الأزمة الاوكرانية يتجاوز أي وساطة أخرى، سواء أكانت تركية أم إسرائيلية ام قطرية بسبب ثقل وقوة وحكمة الصين الدولية. ويبدو أن الأزمة الاوكرانية دفعت الحكمة الصينية السياسية الاستراتيجية المؤهلة لإنجاز سلام دولي إلى الصدارة، والعالم اليوم ينظر وينتظر ما ستفعله . كما ينظر العالم إن كانت أمريكا قد طلبت منها التوسط لحل هذه الأزمة الخطيرة.