تحليلات سياسيةسلايد

كُشِفَ السِّر.. هل تُخطّط أمريكا لحُكم غزة؟

نادر الصفدي

يبدو أن “الطابع الإنساني” في قطاع غزة الذي كانت تتغنى به الإدارة الأمريكية طوال الشهور الماضية، وحرصها “المُستميت” على إدخال المساعدات الإنسانية لسكان القطاع المحاصرين عبر البحر، وإغماض عيونها عن جرائم الجيش الإسرائيلي التي ترتكب طوال أيام الحرب، أو حتى التحرك في إيقافها، كان له أهداف “خبيثة” أخرى.

 هذه الأهداف بدأت تتكشف تدريجيًا رغم المعرفة المسبقة بنوايا الإدارة الامريكية تجاه قطاع غزة وسكانه، الذي أحرجها أمام العالم أجمع بسبب دعمها الكبير والقوي لإسرائيل في حرب الإبادة، وفضح موقفها الذي أثار جدلا واسعًا حول العالم وكشف الكثير من الخيوط التي كانت مخفية.

المفاجأة الكبيرة كانت، حين كشفت مجلة “بوليتيكو”، أن إدارة الرئيس جو بايدن تدرس رسميًا تعيين مسؤول أميركي للإشراف على قوة “حفظ سلام” غالبيتها فلسطينيين في القطاع، وذلك بعد انتهاء الحرب على غزة الدائرة منذ أكثر من 7 أشهر، حسبما ذكر 4 مسؤولين أميركيين للمجلة.

واعتبرت المجلة الأميركية، أن الخطوة تشير إلى أن الولايات المتحدة “تخطط للانخراط بشكل كبير في تأمين غزة في مرحلة ما بعد الحرب”، وقالت المصادر، إن المستشار المدني الأميركي “سيكون مقره في منطقة الشرق الأوسط، وسيعمل بشكل وثيق مع قائد القوة، الذي سيكون إما فلسطينياً، أو من إحدى الدول العربية”.

وأشارت المجلة، إلى أن واشنطن “لا تزال بحث مدى حجم السُلطة الرسمية التي سيتمتع بها هذا المستشار”، لكن جميع المسؤولين، الذين طلبوا عدم كشف هوياتهم للحديث عن تفاصيل مناقشات حساسة للغاية، أكدوا أن وجود هذا المسؤول “يعد جزءاً من خطة أميركية للعب دور بارز في انتشال غزة من الفوضى”.

أسرار خفية

وتظهر المناقشات الخاصة بين البيت الأبيض ووزارتي الدفاع “البنتاجون” والخارجية بشأن دور هذا المستشار، أن إدارة بايدن تتوقع أن تكون في قلب ما سيجري في غزة بعد فترة طويلة من انتهاء الحرب، وهو ما يعني أن الولايات المتحدة ستكون مسؤولة جزئياً عما سيتم بعد الحرب، والتي تشمل تحسين حياة 2.2 مليون فلسطيني، بحسب “بوليتيكو”.

وأوضح المسؤولون، أن المستشار الأميركي “لن يدخل غزة نفسها أبداً”، في حين اعتبرت المجلة ذلك مؤشراً على الرغبة في تجنب أي إيحاء بأن الولايات المتحدة ستحدد مستقبل القطاع، وأن المستشار الأميركي قد يكون متمركزاً في شبه جزيرة سيناء في مصر، فيما قال مسؤول آخر إنه قد يكون في الأردن.

وبيّنت المجلة، أنه قد تم تداول اقتراح تعيين هذا المستشار وقوة حفظ السلام في وثائق سرية أميركية تم تسريبها منذ عدة أشهر، وأوضحت أن المرحلة الحالية تشهد تخطيطاً مكثفاً، حيث تعمل الإدارة الأميركية على جمع شركاء متعددين داخل الولايات المتحدة وخارجها، للاتفاق حول أفكار من أجل تحقيق الاستقرار في غزة في مرحلة ما بعد الحرب، وهو ما يتمثل في الحفاظ على الأمن، وتجنب أي تمرد يمكن أن يغرق القطاع في المزيد من الاضطرابات.

وقال المسؤولون الأربعة الذين تحدثوا إلى المجلة، إن خطة تعيين المستشار هي واحدة من عدة سيناريوهات تم طرحها لخطة “اليوم التالي”، والتي تشمل سيناريوهات أخرى تركز على “تنمية اقتصاد غزة، وإعادة بناء مدن القطاع المدمرة”.

وذكر مسؤول ثان، أن إدارة بايدن تحاول إقناع بعض الدول العربية مثل مصر والمغرب والإمارات بالانضمام إلى قوة حفظ السلام، بينما تطالب دول المنطقة باستمرار بأن يكون للولايات المتحدة “يد ثقيلة” في مستقبل غزة في مرحلة ما بعد الحرب.

وأضاف، “سيكون من الأسهل إقناعهم بالانضمام إذا كنا نلعب دوراً في العملية، ونحن بالفعل مستعدين للعب هذا الدور”.

وأشار المسؤول، إلى أن هناك اتفاق واسع بين الولايات المتحدة وإسرائيل والجهات الفاعلة الإقليمية للمساعدة في تشكيل “مجلس فلسطيني” يضم فلسطينيين من غزة ليكون بمثابة هيكل حكم مؤقت في القطاع.

تحذير فلسطيني

ووفقاً للوثيقة، فإن “هذه المهمة الأمنية يمكن أن تكون نموذجاً هجيناً بين الشرطة وقوات الدرك”، في إشارة إلى مجموعة إنفاذ القانون الإيطالية المسؤولة عن الأمن الداخلي، وأوصت وزارة الخارجية بتصنيفها على أنها “مهمة أمنية وليست قوة”.

ويرى مراقبون، أن نشر تفاصيل هذه الخطة في هذا التوقيت الحساس، يدلل فعليًا على أن هناك الكثير من الأشياء تُطبخ لقطاع غزة داخل الغرف المغلقة، وأن ما قبل أحداث 7 أكتوبر لن تكون كما بعدها، وان الإدارة الأمريكية سيكون لها موطئ قدم في غزة، رغم الرفض الفلسطيني القاطع لهذه الخطة.

وذكرت العديد من الصحف والتحليلات، أن تركيز الإدارة الأمريكية على انشاء الميناء البحري لإدخال المساعدات لغزة، ما هو إلا مقدمة لقدوم قوات أمريكية للقطاع “تدريجيًا” وبموافقة عربي ودولي، والتفاهم مع دول المنطقة لإدارته وحكمه، وهذا كله بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية.

وقبل أيام، حذرت فصائل فلسطينية، من مخاطر الميناء العائم على شاطئ غزة، الذي أعلنت الولايات المتحدة عن تشغيله بمزاعم نقل المساعدات الإنسانية إلى القطاع، واعتبرت أي تواجد أجنبي في المنطقة “قوة احتلال”.

وقالت في يان إن “إنشاء الإدارة الأميركية ميناء عائم على سواحل قطاع غزة مبعث للقلق، ونحذر من مخاطر استخدامه لتنفيذ أهداف ومخططات أخرى مثل التهجير أو حماية الاحتلال (الإسرائيلي) وليس لنقل المساعدات”.

وحذرت الفصائل في الوقت ذاته “أي جهات فلسطينية أو عربية أو دولية من التساوق مع الإدارة الأميركية، أو العمل في هذا الميناء”.

وأمام هذا التطور..

هل انكشفت نوايا أمريكا الحقيقية تجاه غزة؟ وما مصير قواتها داخل القطاع؟ وهل ستوافق مصر؟

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى