افتتاحية الموقع

هل حرية الرأي في امريكا والعالم الغربي في التعبير والتظاهر حقيقية ام شكلية ؟ 

ماهر عصام المملوك

تعتبر حرية الرأي والتعبير من الحقوق الأساسية التي كفلتها العديد من الدساتير في العالم، بما في ذلك الدول الغربية مثل الولايات المتحدة وأوروبا وتعد حرية التعبير أحد الأعمدة الأساسية التي بنيت عليها الديمقراطيات الحديثة، وتعتبر الوسيلة الرئيسية التي يمكن من خلالها للأفراد والجماعات التأثير على السياسات العامة. ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بمواضيع حساسة ومثيرة للجدل مثل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، تصبح حرية الرأي والتعبير موضوعاً معقداً ومثيراً للتساؤلات.

هذا المقال يهدف إلى استكشاف حرية الرأي في الولايات المتحدة والدول الغربية فيما يتعلق بالتعبير والتظاهر من أجل وقف المذابح والتطهير العرقي التي ترتكبها إسرائيل في غزة وفي حق الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى مناقشة المواقف السياسية المنحازة التي يتخذها السياسيون الغربيون تجاه إسرائيل.

ففي الولايات المتحدة حرية الرأي والتعبير محميين بالتعديل الأول لدستور الولايات المتحدة، بما في ذلك حرية الصحافة والتجمع السلمي. ومع ذلك، فإن هذه الحرية ليست مطلقة وتخضع لقيود معينة، مثل عدم التحريض على العنف وعدم تهديد الأمن القومي.

هذه القيود تكون أحياناً موضع جدل عندما يتعلق الأمر بالمواضيع الحساسة مثل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.

وبالأمثلة العملية وعلى الرغم من الحماية الدستورية، يواجه النشطاء الذين ينتقدون سياسات إسرائيل أو يدعمون حقوق الفلسطينيين تحديات عديدة في الولايات المتحدة. يتعرض البعض للاتهامات بمعاداة السامية، ويتم أحيانًا منع الأحداث والأنشطة المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات والمؤسسات الأخرى. في بعض الحالات، تقوم جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل بمحاولات لإسكات الأصوات الناقدة من خلال الضغط الاقتصادي والسياسي.

اما بخصوص حرية الرأي والتعبير في الدول الأوروبية

فتشترك دول الاتحاد الأوروبي في التزامها بحماية حقوق الإنسان، بما في ذلك حرية الرأي والتعبير. ومع ذلك، تواجه هذه الدول تحديات مشابهة لتلك الموجودة في الولايات المتحدة عندما يتعلق الأمر بانتقاد إسرائيل ودعم حقوق الفلسطينيين.

اما في فرنسا وعلى سبيل المثال، تم حظر بعض التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين بحجة الحفاظ على النظام العام، بينما في ألمانيا، يواجه النشطاء انتقادات حادة ومحاولات لتشويه سمعتهم.

اما في بريطانيا، فتم تبني تعريف موسع لمعاداة السامية من قبل الحكومة، مما أثار مخاوف من استخدامه لقمع حرية التعبير عن القضايا المتعلقة بالصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.

كم تلعب وسائل الإعلام دوراً كبيراً في تشكيل الرأي العام حول الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.

وفي الدول الغربية مختلفة، غالباً ما تُتهم وسائل الإعلام بالتحيز لصالح إسرائيل، سواء من خلال التغطية الانتقائية أو الإطارات التفسيرية التي تضع إسرائيل في موقف الضحية والفلسطينيين في موقف المعتدي. هذا التحيز يمكن أن يساهم في تقييد حرية الرأي والتعبير من خلال تشويه الحقائق والتلاعب بالرأي العام.

وتشير الدراسات إلى أن التغطية الإعلامية للصراع تميل إلى التركيز على الهجمات الصاروخية الفلسطينية على إسرائيل بينما تقلل من شأن الهجمات العسكرية الإسرائيلية على غزة. هذا التحيز الإعلامي يمكن أن يؤثر على الرأي العام والسياسات الحكومية، مما يجعل من الصعب على الناشطين المؤيدين للفلسطينيين إيصال رسالتهم بشكل فعال.

اما بخصوص النشاطات والتظاهرات المؤيدة للفلسطينيين ففي العديد من الدول الغربية، تنظم مجموعات حقوق الإنسان والناشطون المؤيدون للفلسطينيين تظاهرات وفعاليات تهدف إلى لفت الانتباه إلى معاناة الفلسطينيين والضغط على الحكومات لتغيير سياساتها المنحازة. هذه الفعاليات تشمل التظاهرات السلمية، الحملات الإعلامية، والمناسبات الثقافية.

اما بخصوص التحديات والعوائق فيواجه الناشطون المؤيدون للفلسطينيين تحديات عديدة، بما في ذلك القيود القانونية، والتضييق من قبل السلطات، والحملات الإعلامية المضادة. في بعض الحالات، يتم تصوير هذه النشاطات على أنها تهديد للأمن القومي أو النظام العام، مما يؤدي إلى فرض قيود على حرية التجمع والتعبير.

فالمواقف السياسية للحكومات الغربية وتحديدا في الولايات المتحدة والتي تعتبر واحدة من أقوى حلفاء إسرائيل، غالباً ما تتخذ مواقف سياسية داعمة لها. هذه المواقف تشمل الدعم العسكري والاقتصادي، وكذلك استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لمنع تمرير قرارات تدين إسرائيل.

أما في أوروبا، فتختلف المواقف من دولة لأخرى، لكن العديد من الدول الأوروبية تتبنى مواقف داعمة لإسرائيل، مع بعض الاستثناءات. هذه المواقف تكون أحياناً نتيجة لضغوط سياسية واقتصادية من قبل جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل.

فحرية الرأي والتعبير تمثل حقاً أساسياً يجب حمايته في كل الظروف. ومع ذلك، فإن التحديات والعوائق التي تواجه الناشطين المؤيدين للفلسطينيين في الدول الغربية تظهر أن هذه الحرية ليست مطلقة. من الضروري أن تستمر المجتمعات في الدفاع عن هذا الحق والتأكيد على أهمية التوازن بين الأمن وحرية التعبير. الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني هو موضوع معقد وحساس، ويتطلب نقاشاً مفتوحاً وصادقاً من أجل الوصول إلى حلول عادلة ودائمة.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى