تحليلات سياسيةسلايد

هل سيكون اخراج القوات الامريكية “مهزومة” من سورية اول رد انتقامي روسي على انهيار مفاوضات جنيف

انهارت المفاوضات التي انعقدت في جنيف يوم الاثنين   الماضي بين روسيا من ناحية، وامريكا وحلف “الناتو” من ناحية أخرى، بسبب الرفض الغربي لمطالب الرئيس فلاديمير بوتين الأمنية، وابرزها عدم توسيع عضوية حلف “الناتو”، وضم أوكرانيا والجمهوريات السوفيتية السابقة، سواء في أوروبا الوسطى او في البلطيق، وعاد التوتر بين الجانبين الى المربع الأول.

الرد الروسي على هذا الفشل قد ينعكس على شكل مواجهات عسكرية ضد القوات والقواعد الامريكية سواء مباشرة او غير مباشرة، وحروب بالإنابة، وربما تكون سورية هي الخيار الأول لهذا الحراك الانتقامي الروسي الجديد من الخصم الأمريكي.

***

هناك عدة مؤشرات رئيسية ترجح هذا الطرح مدعومة بمعلومات من مصادر روسية مباشرة:

الأول: تصاعد المقاومة الشعبية السورية ضد الوجود العسكري الأمريكي شرق وشمال الفرات، وقصف القاعدة الأكبر هناك (حقل العمر النفطي) بعدة صواريخ أدت الى وقوع خسائر مادية كبيرة.

الثاني” مطالبة سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، الاكراد في شمال شرق سورية بإطلاق حوار جاد مع دمشق للعودة الى مظلة الدولة مجددا، وكشفه عن اجراء اتصالات مع السيدة الهام احمد، رئيسة مجلس سورية الديمقراطية، في هذا الصدد، وهذا يعني ان الرهان على القوات الامريكية سيكون رهانا خاسرا.

الثالث: دعوة لافروف الجمعة الى عقد مؤتمر إيراني عربي لبحث الامن الجماعي لمنطقة الخليج، وتسوية الازمات التي تؤدي الى تصعيد التوتر وخاصة حرب اليمن، وهذا يعني محاولة روسية للعودة الى المنطقة، وفك ارتباطها مع واشنطن.

الرابع: تسريب معلومات من الجانب الروسي، عبر مصادر إعلامية، تقول بأن الرئيس بوتين ابدى غضبه واستيائه للجانب الإسرائيلي من جراء الغارتين الأخيرتين على ميناء اللاذقية، القريب من قاعدة حميميم الجوية الروسية، وطالب بـ”تجميد” هذه الضربات فورا.

الخامس: استبعاد تركيا كليا من استراتيجية التصعيد الروسية الجديدة هذه، مما قد يعني ان القيادة الروسية تفترض امرين: الأول، ان أي تقارب كردي سوري مستقبلي سيكون هدفه الأول مواجهة الوجود التركي على الأرض السورية، وليس الأمريكي فقط، والثاني، احتمال وقوف تركيا في الخندق الأمريكي باعتبارها عضوا في حلف “الناتو”، ولعل مقتل ثلاثة جنود اتراك في انفجار الغام قرب الحسكة في الشمال السوري قبل أيام حيث يتواجد الاكراد هو احد الأدلة في هذا الضمار.

القوات والقواعد الامريكية في سورية والعراق ستكون هدفا لتحالف ثلاثي سوري إيراني روسي  في الأسابيع والاشهر المقبلة، ولا نستبعد قرارا أمريكيا بسحبها من البلدين قبل نهاية العام الحالي حتى لا تكون رهينة في يد هذا التحالف الجديد المتنامي.

الاكراد قد يتجاوبون بشكل إيجابي على هذه المطالب الروسية، لانهم لا يستطيعون الوقوف في الخندق الأمريكي في مواجهة الاستراتيجية الروسية التصعيدية المحتملة، لان الثمن سيكون مكلفا جدا، فعلاوة على ان روسيا ابنة المنطقة، وليست بعيدة جغرافيا عن سورية والعراق، فإن الوجود الأمريكي في الشمال السوري هش وغير شرعي، ويكفي التذكير بأنه عندما اعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن عزمه سحب جميع قواته من سورية في بداية حكمه اعترافا بالهزيمة وتقليصا للخسائر، تقاطرت القيادة الكردية الى دمشق بوساطة روسية طلبا للعودة الى مظلة حماية الدولة السورية الام.

***

المزاد الروسي العام “تصادمي” هذه الأيام عموده الفقري عدم التردد في اللجوء الى الخيار العسكري اذا اقتضى الامر، و لعل ارسال قوات روسية الى كازاخستان قبل ثلاثة أسابيع (2500 جندي) لإحباط محاولة تغبير الحكم فيها، هو مجرد “بروفة” لما قد يحدث في مناطق أخرى، وخاصة في سورية والعراق، ومنطقة الخليج اذا دعت الحاجة.

الدور السوري عائد وبقوة، مدعوما بالحليف الروسي، ولهذا نتوقع حدوث تغيير كبير في خريطة التحالفات، وموازين القوى على الأرض، سواء في سورية والعراق ومنطقة الشرق الأوسط برمتها، فالحرب الباردة بدأت، وتزداد سخونة، والعام الجديد قد يكون عام المواجهات.. والأيام بيننا.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى