هل يتَطوّر التّصعيد الروسي البريطاني إلى حَربٍ شاملة في البحر الأسود؟
تتصاعد حدّة التوتّر بشَكلٍ غير مسبوق في البحر الأسود . إثر اختِراق مُدَمِّرة بريطانيّة بحريّة “المِياه الإقليميّة” الروسيّة قُرب شواطئ شبه جزيرة القرم وإطلاق الجيش الروسي طلقات مدفعيّة تحذيريّة تُجاهها.
مُضافًا إلى ذلك زيادة حلف الناتو دوريّاته البحريّة في المنطقة بشَكلٍ غير مسبوق.
الخارجيّة الروسيّة استدعت السّفيرة البريطانيّة في موسكو على خلفيّة هذه الحادثة.
وحذّرت من أنّ المملكة المتحدة ستتحمّل عواقب أيّ استِفزازات مُماثلة في المُستقبل.
وكرّر الشّيء نفسه ألكسندر غروشكو، نائب وزير الخارجيّة الروسي، أثناء مُشاركته في مُؤتمر موسكو للأمن الدّولي اليوم الخميس.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمُستشارة الألمانيّة أنجيلا ميركل استَشعرا خطر هذا التّصعيد على أمن الاتّحاد الأوروبي ودوله. ووجّها دعوةً بعقد حِوارٍ مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولكنّ بولندا ودول البلطيق الثّلاث عارضت هذه الدّعوة بشدّةٍ بتَحريضٍ أمريكيّ بريطانيّ مُشتَرك لعدم ثقتها بروسيا والرئيس بوتين تحديدًا.
بريطانيا وأمريكا تُعارِضان ضمّ روسيا لشبه جزيرة القرم، وتعتبران هذه الخطوة غير قانونيّة. وتَقِفان مع دول أوروبيّة أُخرى إلى جانب أوكرانيا.
بينما تنفي روسيا هذا الموقف، وتُؤكِّد أنّ شبه جزيرة القرم أرضٌ روسيّة. منحها الرئيس السّابق ليونيد بريجنيف إلى أوكرانيا التي كانت عُضوًا في الاتّحاد السوفيتي في حينها.
ألمانيا وفرنسا تَستَغرِبان رفض دول في الاتّحاد الأوروبي لعقد قمّة للحِوار مع الرئيس بوتين،. خاصّةً أنّ الرئيس الأمريكي نفسه جو بايدن اجتمع به في جنيف الأُسبوع الماضي.
كيف سيكون اللّقاء مع بوتين حَلالًا على أمريكا وحرامًا على أوروبا؟
حكومة بوريس جونسون التي أخرجت بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي بعد استِفتاءٍ عام حاز على أغلبيّة ضئيلة.
تتبنّى موقف أمريكا المُعادي للحِلف الصيني الروسي المتنامي.
وتتورّط بشَكلٍ مُتسارع في تبنّي السّياسات الأمريكيّة في هذا المِضمار الأمر الذي يراه الكثير من المُحلّلين الاستراتيجيّين البريطانيين تَهَوُّرًا غير مدروس، وغير مأمون العواقب.
رئيس هيئة أركان الجُيوش الروسيّة أدلى بتصريحاتٍ خطيرة قبل ثلاثة أيّام حذّر فيها من أنّ بلاده لن تتردّد في استِخدام أسلحة نوويّة للدّفاع عن مصالحها في أوروبا والعالم. في رسالةٍ مُبطّنةٍ إلى التّحالف الأمريكي البريطاني الجديد.
تحرّكات حِلف النّاتو في البحر الأسود
وفي إشارةٍ إلى تحرّكات حِلف النّاتو في البحر الأسود . الذي يراه الروس بحيرة نفوذهم الإقليمي تمامًا مثلما ينظر حلفاؤهم الصينيّون إلى بحر الصين أحد نقاط التوتّر الرئيسيّة مع الولايات المتحدة .
التي ترسِل أساطيلها إلى مِياهه، فهل نَرصُد هُنا تبادل أدوار بين بريطانيا وأمريكا في البَحرين المَذكورين؟
هذا الخِلاف البريطاني الروسي المُتصاعِد في البحر الأسود. ربّما يُؤدِّي إلى مُواجهةٍ عسكريّةٍ قد تتطوّر إلى حربٍ عالميّة.
و الاحتِقان يتفاقم، وبات في انتِظار المُفَجِّر أو عود الثّقاب. وأكبر الحروب تنفجر في مُعظم الأحيان من حوادثٍ عرضيّة.
المعَسكر الغربيّ الذي تتزعّمه أمريكا يَفقِد زعامته للعالم بشَكلٍ مُتسارع بسبب صُعود القوّة الصينيّة عسكريًّا واقتصاديًّا، وتحالفها مع روسيا.
وهو التّحالف الذي يعتبره هنري كيسنجر الخطر الأكبر يوصِي بمنعه بأيّ شَكلٍ من الأشكال، ولا نَستبعِد أن تكون أزمة أوكرانيا هي الشّرارة التي ستُشعِل فتيل الحرب القادمة إذا لم يتم تطويقها ونزع فتيلها بالحِوار.
ختاما نقول ان ما لا يدركه جونسون ان بريطانيا لم تعد دولة عظمى، وان الشمس غابت عن امبراطوريتها منذ حرب السويس. ولم تعد أوروبية ولن تصبح أمريكية، وفوق هذا وذاك مهددة بالتفكك.