واشنطن تكسر القطيعة العسكرية مع موسكو
دفع تمسك موسكو بمواصلة دعم الجيش السوري، وتكاثر التقارير عن إرسالها أسلحة متطورة وتعزيزات إلى مطار اللاذقية، وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر الى كسر شبه القطيعة القائمة مع الجيش الروسي، حيث اتصل بنظيره الروسي سيرغي شويغو، مشدداً على ضرورة العمل بالتوازي بين هزم تنظيم «داعش» وضمان الانتقال السياسي في سوريا.
وفي الوقت الذي كانت تشن فيه الطائرات السورية أعنف الغارات على مواقع «داعش» في تدمر والقريتين في ريف حمص، أكد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن روسيا مستعدة لإرسال قوات برية إلى سوريا إذا طلبت دمشق ذلك. وقال «إذا كان هناك طلب فسيناقش بطبيعة الحال وسيتم تقييمه في إطار اتصالاتنا الثنائية، لكن من الصعب الحديث عن ذلك، لأنه ما زال افتراضياً».
وقال مسؤولان أميركيان، لوكالة «رويترز»، إن الولايات المتحدة تعتقد أن عدداً قليلاً من المقاتلات الروسية موجود الآن في مطار في اللاذقية، في خطوة تضيف قوة جوية مؤثرة لتعزيزات عسكرية تثير القلق في واشنطن. وقال أحدهما إن هناك أربع طائرات مقاتلة روسية في المطار القريب من اللاذقية.
وتحدث وزيرا الدفاع الأميركي والروسي، للمرة الأولى منذ أكثر من عام، ليكسرا حاجز الصمت بين الجيشين بغية مناقشة الأزمة السورية.
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن المكالمة الهاتفية بين كارتر وشويغو دامت 50 دقيقة، تخللها اتفاق على المزيد من المحادثات الأميركية ـ الروسية بشأن سبل إبقاء جيشيهما بعيداً عن بعضهما، فيما يُعرف في اللغة العسكرية «بتفادي الصدام». وأوضحت أن المرة الأخيرة التي تحدث فيها وزير دفاع أميركي مع شويغو كانت في آب العام 2014 حين كان تشاك هايغل لا يزال في منصبه.
وقال المتحدث باسم «البنتاغون» بيتر كوك إن كارتر وشويغو «بحثا المجالات التي تتقاطع فيها الرؤيتان الأميركية والروسية ونقاط الخلاف بين البلدين»، مضيفاً أنهما «اتفقا على إجراء مزيد من المناقشات حول آليات الحوار بين الجيشين لتجنب حدوث أي مواجهات عرضية بينهما في سوريا، (في ضوء) الحملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية».
وأشار كوك إلى أن كارتر «أكد أهمية مواصلة هذه المشاورات، في موازاة المحادثات الديبلوماسية الهادفة إلى ضمان انتقال سياسي في سوريا. وأشار كارتر إلى أن هزيمة تنظيم داعش وضمان الانتقال السياسي هما الهدفان اللذان يجب السعي لتحقيقهما في الوقت نفسه. واتفق الوزيران على مواصلة الحوار».
من ناحيته، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية ايغور كوناشينكوف إن المكالمة الهاتفية استمرت ساعة، وأن المحادثات ستتواصل. وأشار إلى أن «ضرورة تنسيق الجهود الثنائية والمتعددة الأطراف لقتال الإرهاب الدولي كانت في أساس» المحادثات. وتابع أن «المحادثات أظهرت أن وجهتي النظر متشابهتان أو متطابقتان بشأن معظم القضايا التي نوقشت».
وأعلن مسؤول دفاعي أميركي رفيع المستوى، لوكالة «رويترز»، أن شويغو أبلغ كارتر، خلال الاتصال الهاتفي، أن أنشطة روسيا العسكرية في سوريا «دفاعية بطبيعتها». وأوضح «قال إن الأنشطة الروسية دفاعية بطبيعتها، وإنها تأتي في إطار الوفاء بالتزامات للحكومة السورية»، من دون أن يقدم تفاصيل إضافية.
وفي تصريحات في لندن، قال وزير الخارجية الاميركي جون كيري، خلال اجتماع مع نظيره الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، إن الرئيس الأميركي باراك أوباما «يرى أن إجراء محادثات (مع موسكو) على مستوى عسكري هو المرحلة المهمة التالية، وآمل بأن تتم قريباً جداً».
وأضاف كيري أن الرئيس الأميركي يأمل في أن «تساعد المحادثات على تحديد بعض من الخيارات المختلفة المتاحة لنا بينما ندرس الخطوات التالية في سوريا». وتابع «تركيزنا لا يزال منصبّاً على تدمير داعش وكذلك على التوصل لتسوية سياسية بخصوص سوريا، وهي تسوية نعتقد أنه لا يمكن تحقيقها في ظل وجود الأسد لفترة طويلة». وتابع «نتطلع إلى سبل يمكن من خلالها تحقيق التقاء في وجهات النظر».
وأعلن كيري أن الولايات المتحدة تريد التوصل إلى «خطة ديبلوماسية مستقبلية». وقال «الكل يعمل تحت ضغط الوضع الملح. نعمل منذ فترة طويلة، لكن مستويات الهجرة والدمار المستمر وخطر التصعيد المحتمل بسبب أي خطوات أحادية الجانب تعطي للديبلوماسية في هذه اللحظة أولوية كبيرة».
وقال وزير الخارجية الإماراتي إن بلاده استقبلت أكثر من مئة ألف لاجئ خلال السنوات الأربع الماضية. وأكد أنه من المهم التوصل لاتفاق سياسي في سوريا، ووضع حد لمعاناة الشعب السوري، مضيفاً أن استمرار الوضع الحالي سيكون أمراً بالغ الصعوبة.
وكررت وزارة الخارجية الروسية استعداد موسكو لإجراء محادثات مع واشنطن. وقالت المتحدثة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا «لم نرفض الحوار مع الولايات المتحدة مطلقاً. نحن منفتحون على (الحوار) الآن بشأن كل المسائل محل الاهتمام المشترك بما في ذلك سوريا».
صحيفة السفير اللبنانية