
كان يمكن لأي عين محترفة أن تلتقط استثنائية الموهبة التي يمتلكها وسام رضا، مذ كان طالباً في «المعهد العالي للفنون المسرحية». في اختباراته السنوية ومشروع تخرّجه، بدا الشاب المفعم بالموهبة أنه تمكّن من امتلاك معظم «التكنيكات» المهمة لتسلّم المفاتيح الجوهرية في فن الأداء المحترف.
صحيح أن الشبه كبير مع والده النجم أيمن رضا، وأن طريقته كانت تضعنا وجهاً لوجه مع سنوات شباب الممثل الستيني الذي راكم تاريخاً عامراً بالدهشة، إلا أن وسام لا يقلّد أباه ولا يبدي تأثراً بأحد إلا بنفسه، انطلاقاً من إيمانه بمقدراته وفهمه لشخصيته، وتقديمها بشكل احترافي. ناهيك عن الموهبة والحماس الصريحين. هكذا، تمكّن خلال سنتين فقط، أي منذ تخرّجه من المعهد، من حجز حصة ضوء وافرة، وأثبت سريعاً قدرته على التنويع المتباين للحد الأقصى في روح التجسيد.
أطلّ وسام خلال العام الماضي في مسلسل «ولاد بديعة» (كتابة علي وجيه ويامن الحجلي، وإخراج رشا شرتبجي)، فحصدت شخصيته نجاحاً جماهيرياً كاسحاً رغم سيل الملاحظات التي سُجلت على العمل والمشاكل التي عانى منها. إلا أن الممثل الشاب لا يسأل إلا عن دوره الذي أجاده ومتّنه بتفاصيل لافتة.
أما التجربة الأكثر قيمة ونوعية في مشواره الطري، فكانت في المسلسل القصير «عقد إلحاق» (ورشة كتّاب، وإخراج ورد حيدر)، حيث لعب رضا شخصية مركبة لشاب يعيش في ميتم ويعاني من إعاقة ذهنية وجسدية، عرف كيف يترجمها باقتراح منطقي وأداء موزون من دون أي مبالغة أو تعثّر.
أما في هذا الموسم، فيطّل الممثل الشاب في مسلسل «البطل» (سيناريو وحوار رامي كوسا، وإخراج الليث حجو) ليجد المشاهد نفسه مقتنعاً أنه أمام مراهق يدعى «مجد» في الصف الثاني الثانوي، بدءاً من الشكل المقنع بفضل حرفية خبيرة المكياج ردينة تابت سويدان، مروراً بالثنائيات المشغولة بشراكة حقيقية بينه وبين والده (بسام كوسا)، وأخته (نور علي)، وحبيبته (نانسي خوري). تتمكن الشخصية بفضل كتابتها بطريقة عميقة وسوية صاحبها الأدائية، من تكثيف نموذج يختصر شريحة كاملة من جيل الحرب السورية! المراهق الذي وجد نفسه أمام ويلات المعارك، وظل محاطاً بهموم ويوميات الانتقال من الطفولة إلى الشباب، واليوميات الإشكالية مع الأب الحريص، والفيض الوجداني والبوح مع الشقيقة الكبرى، والوقوع في شرك الحب الممنوع لامرأة متزوجة تركت وحيدة مع طفلها بسبب النيران الملتهبة من كلّ حدب وصوب!
ليست المرة الأولى التي يتمكن فيها الممثل السوري الشاب من فرض إيقاعه ولفت الأنظار مجدداً، بكامل موهبته ومعدّاته وأدواته الإبداعية وشهادته الأكاديمية، متأهباً لأي فرصة سانحة تخوّله الانتقال خطوات إلى الأمام!
صحيفة الأخبار اللبنانية