وقائع التفكك الوشيك للدولة السورية (د.سمير التقي)

 

د.سمير التقي

تسير الأوضاع في سوريا، وبخطى متسارعة نحو تشظي الدولة، وانفراط الجغرافيا، وهو ما تمّ التأسيس له عبر أوضاع ميدانية تترسخ مع الوقت:
• بحكم الأمر الواقع على الصعيد العسكري واستعصائه بحيث لا نتصور تبدلات حاسمة في خطوط المواجهة.
• مصالح القوى الإقليمية
• انكسار شبه كامل للوحدة الوطنية انفراط عقد المجتمع.

توصيف للواقع الراهن:

شمال سوريا:
• تتم تصفية تدريجية لما تبقى من تواجد النظام كمؤسسات سلطة وجيش.
• لعبت وتلعب تركيا بشكل واضح لمصلحة تشكيل كيانين:
o أحدهما في الشمال (المنطقة ِA) يتسيد فيه الاخوان المسلمون عبر الكتائب الاسلامية والحكومة المؤقتة التي سرعت من عملية تداعي وحدة البلاد في الشمال تتصل مصالحه بتركيا
o الثاني في الشمال الشرقي ( المنطقة B)، باتفاق تركي مع البرزاني والأكراد، ينشأ بفعل حقائق الأرض والتحالفات السياسية وتتصل مصالحه بكردستان العراق.

الجنوب الغربي: (المنطقة C):
 

تتمركز قوات بشار الأسد في دمشق القديمة والحديثة، ويبذل أقصى جهده لإبقاء ظهره محمياً من جهة الحدود السورية- اللبنانية بالتواصل عبرها مع حزب الله. حيث تمتد قوات الأسد عبر شريط “كوريدور” غرب طريق دمشق حمص على امتداد القلمون وتنتشر قوات كبيرة مشتركة للجيش وجيش الدفاع الوطني (قوات علوية تطوعية) وقوات حزب الله عبر الحدود امتداداً إلى بحيرة قطينة جنوب غرب حمص.

الجنوب:

تشير المعطيات إلى:
1. تغلغل بعض المجموعات الإسرائيلية في محاولة لتعزيز تواجدها في المنطقة العازلة في الجولان( المنطقة D ).
2. تسلح حوالي 6 آلاف من شباب السويداء، وتمترسهم في مناطقهم (المنطقة E ).
3. سيطرة تدريجية لكتائب محلية سلفية واخوانية على مدينة درعا (المنطقة F).

 

وسط سوريا: ( المنطقةG )


تتميز هذه المناطق بطبيعتها الجغرافية والديموغرافية التي ترشحها لأن تكون مناطق نزاع مفتوح بين مكوناتها، وهذه المناطق هي: حمص ( منطقة الغاب، مثل قلعة الحصن، والعريضة، وتلكلخ، والناصرية) وحماة، ومن المنتظر أن تجري عمليات تطهير واسعة النطاق على أساس طائفي.

الوسط الشرقي: ( المنطقة H )


يمتد على طول الشريط النهري للفرات من الرقة شمالاً إلى البوكمال جنوباً ويقع تحت سيطرة تيارات اسلامية سلفية وعشائرية واخوانية ويتداخل مع منطقة الجزيرة السورية شمالاً ومع البادية السورية وصولاً لحواف حماة وحمص غرباً. في حين تحاول تركيا ان تخترق مكونات هذا الشريط بهدف الحاقه بالكيان السني في الشمال الغربي.

كيانات غير مستقرة وملحقة:


لا تمتلك أياً من تلك المناطق مقومات الاستقرار ككيانات جديدة إلا إذا تم إلحاقها بالدول المجاورة وبذلك فإن الكيان العلوي ترتسم حدوده بشكل أكثر دقة، ليضم الساحل، ودمشق، والذي يمتد عبوراً إلى لبنان عبر التماهي مع الهرمل والبقاع وصولاً إلى طريق حمص- لبنان، حيث تنتشر قوات حزب الله على طرفي الحدود، وتقوم بإدارة نقاط حدودية وتتماهى الحدود السورية اللبنانية وصولاً إلى بحيرة قطينة في جنوب غرب حمص. ويتطلب استقرار هذه المنطقة عمليات تطهير وتهجير للسنة على طول الشريط الساحلي والمناطق الحدودية.
تصبح الساحة السورية في ظل انفراط عقد الدولة والسلطة والمجتمع وعدم نضوج بديل حقيقي مع بقاء عقدة الأسد لقمة سائغة تتنازعها مصالح ومخاوف الدول المجاورة بدءً من تركيا وقطر من جهة إلى المملكة السعودية من جهة أخرى وصولاً إلى الاردن واسرائيل من جهة اخرى ايضاً وتلتحق كل منطقة من هذه المناطق تدريجياً اقتصادياً بجوارها الاقليمي بحكم الضرورة.
يتلاقى انهيار الدولة السورية مع وجود دولتين مجاورتين فاشلتين (العراق ولبنان) ليفتح امكانيات فوضى اقليمية واسعة تؤسس لحرب طائفية وجبهات صراع اقليمي بين الدول النافذة بحيث يصعب بشكل كبير البقاء خارج الصراع.
وتساهم العطالة العربية والدولية تجاه الأزمة السورية في بقاء ميزان القوى على استعصائه الراهن دون حسم قريب ويسير بالبلاد والمنطقة نحو ثقب اسود.

نشرت على صفحة الدكتور سمير التقي في الفيس بوك

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى