يوميات ناقصة | هِبةُ الارتجال (نزيه أبو عفش)

 

نزيه أبو عفش

 

هبة الارتجال

لأنهم عاقلونْ
الناسُ، في كلّ ما يفعلونه، يَعُدّون من واحد إلى عشرةْ.
كي يعرفوا إنْ كان من المستحسَنِ قولُ «صباح الخير» أم لا
يَعُدّون من واحد إلى عشرةْ.
كي يلتقطوا اللحظة المثاليةَ لاجتيازِ معبرِ المشاةْ
يَعُدّون من واحد إلى عشرةْ.
كي يُحْسِنوا إدارةَ حياتهم
ويُثَمِّروا، على أفضلِ نحو، ما كسبوهُ من الغنائمِ والمسروقات وعائداتِ اللحم
يَعدّون من واحد إلى عشرةْ.
من واحدٍ إلى عشرةْ. وأيضاً من واحدٍ إلى عشرةْ
كي يَطمئنّوا إلى خروجهم رابحين.
… ودائماً يربحون.
يربحون أنفسَهم ويربحون العالم.
: يربحون اللّـه.
أما أنا، فلا أعرفُ كيف جُعِلتُ هكذا.
لا أعرفُ… في أيّ ساعةِ بؤسْ
صيَّرَني الخالقُ على هذه الهيئةِ الناقصةْ:
يائساً، أحمقَ، ضعيفاً، مُتَطيّراً، خوّافاً، مشوّهَ الأعضاءِ والعقل…
ومُوْلَعاً بالخسارةْ.
قد يكون، سبحانهُ، صَوَّرَني في ساعةِ ضجرْ.
ربما ليتسلّى… لا أكثر.
ربما ليقتلَ الوقت… لا أكثر.
ربما ليتذكّر شيئاً، أو يطمئنَّ إلى نسيانِ شيءْ.
أو ربما، فقط،
ليختبرَ قدرتَهُ العظيمة
على صناعةِ شيءٍ أقلَّ فظاعةً من العدمْ.
……..
مِن المؤكّدِ أنّ اللّـه لا يُطيقُ التأنّي.
من المؤكّدِ أنهُ لا يُحبّ العَدّ.
من المؤكد أنهُ، كجميعِ أصحابِ العقول العاطفيّةْ،
يَسْتَحسِنُ السرعةَ
ويعشقُ الارتجال.
20/9/2012


الأسنان

أنتَ تبتسم، وأنا أُواصلُ الخوف.
….
ابتسامتُكَ ليست كافيةً
لأنْ أُصَدِّقكَ وأفتحَ لكَ ذراعيّ.
بين الأسنانِ والقلب
مسافةٌ لا يَسْهلُ تقديرُها:
مسافةُ الإنسان.
….
أرجوك!
إذْ أنا خائفٌوأنتَ تبتسم،
ابتسامتُكَ تُجَمّدُ القلب.
اعذرْ خوفي!
19/9/2012

صحيفة الأخبار اللبنانية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى