2015: حلول لسوريا؟

مع انتهاء 2014 واقتراب العام الرابع على الحرب في سوريا من نهايته تبدو المسافة بعيدة بين واقع التشرذم في كل مستويات هذه الحرب وطموحات المبادرتين المطروحتين لإنهائها.

المبادرة لجمع ممثلين للنظام وللمعارضة في روسيا، بدون شروط مسبقة، تبدو في مآلها الأخير موجهة لإحداث فرز في صفوف المعارضة بين المستعدين لتسوية مع النظام، والآخرين الذين ما زالوا يضعون شرط إزاحة رموزه كمقدمة، أو كخاتمة، لأي تفاوض.

معارضة الداخل وقسم من قوى “الائتلاف الوطني” في الخارج، يمكن أن يتوافقا على برنامج للتفاوض في القاهرة، يحملانه إلى موسكو بحثا عن صيغة تترجم مبدأ الحكومة الانتقالية ذات الصلاحيات. لكن في الطريق إلى ذلك من الواضح أن الاستقطاب سيزداد حدّة داخل صفوف المعارضة الخارجية التي تشكو أصلا من ضمور مساهمتها العسكرية.

هذه الحصيلة التي تشكل تعزيزا للموقع الروسي في الحرب، هي المرجّحة على التصور الآخر الذي يدرج المسعى الروسي في إطار تفاهم غامض مع الطرف الأميركي يمكن أن يشكل الشق السياسي المكمل للحرب التي يخوضها الائتلاف الدولي ضد “داعش”.

كذلك فإن مبادرة مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا لوقف متدرج للنار ابتداء من حلب لن تنتهي، كما هو مرجّح، إلا بإثبات أن تشتت المعارضة الممسكة بالسلاح يمنع تحويل تصوّر ميستورا الأصلي سلسلة من الإنجازات تنتشر من منطقة إلى أخرى.

كيف يمكن روسيا المشتبكة مع الولايات المتحدة في أوكرانيا أن تكون الوكيل المعتمد لدى واشنطن بحثا عن مخرج للحرب السورية؟ وكيف يمكن المبعوث الدولي أن يرتفع فوق فسيفساء المواقع والقوى لينجح في وقف الحرب عمليا بعد تعذّر وقفها سياسيا؟

ما زال تصنيف الحرب السورية باعتبارها المظهر الأبرز للاشتباك السني – الشيعي الإقليمي هو الأقدر على الإشارة إلى أبواب الحل. وعلى هذا الصعيد تبدو الأمور في اتجاه المزيد من العقد لا الحلول. فإيران التي ما زالت متهمة بالتمدد من الحدود الجنوبية للسعودية، في شبه دائرة، وصولا إلى سواحل غزة، تتهم بدورها جيرانها الخليجيين بمحاولة خنقها إقتصاديا عبر أسعار النفط، وبدعم غير مباشر للجماعات الإرهابية. وحتى اللغة الديبلوماسية في العلاقات الإيرانية – التركية لا تنجح في تلطيف تنافسهما المحموم على سوريا والعراق. والمصالحة المصرية – القطرية برعاية سعودية ألا تندرج في مسعى تعزيز العمق الخليجي في المواجهة مع إيران؟ حتى “الاشتباك” الروسي – الأميركي في سوريا يبدو تابعا، أو نتيجة من نتائج إنفلات الصراع السني – الشيعي بما هو صراع بين دول قادرة، وحدها، متى شاءت على إخماد مظاهره غير الرسمية، على كثرتها.

صحيفة النهار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى