نوافذ

متنوعات -1-

متنوعات -1-

ـ 1 ـ

“أن قليلا من الدفء، وقليلاً من الخبز، وسقفاً فوق رأسك، وكلمة لطيفة… ادوات لمحو الكراهية، ولكن ذلك كله غير متوفر”.

هذا كلام الكاتب اليوناني كازانتزاكيس، كأنه يصف المعركة التي يخوضها الفلسطينيون عموماً، والأسرى في سجون الاحتلال خصوصاً. وهي معركة جديدة في أسلوبها، ومنهكة إنسانياً في آلامها… “معركة الأمعاء الخاوية”.

حين قرر الأسرى الفلسطينيون الإضراب الجماعي عن الطعام، من أجل الحصول على حقوق بسيطة هي من حقهم. ولا تكلف العدو إلا الاقتناع بهذه الحقوق. كانوا يستخدمون السلاح الأخير المتبقي وهو “سلاح الحياة الشخصية”… أي الموت.

7000سجين و70امرأة و450طفل لايستحقون بنظر العالم سوى مديح حفلة

الشواء المزمع اقامتها في 22 سجن اسرائيلي تنكيلا ساديا بشهوة الجائع .

أنا مثبت الذهن أمام طريقة اخترعها الأهالي للتضامن مع الأسرى المضربين عن الطعام:

طاولات منصوبة وعليها أطباق. كل من يمر أمام هذه الطاولات يترك عليها قطعة خبز، من أي نوع ،علامة على ترك الخبز كمايفعل الأسرى. إذا حدّقت جيداً بتشكيلات الأرغفة، على اختلاف أنواعها وألوانها…تجد لوحة تذكّر بأول رغيف اخترعه الإنسان الزراعي في هذا العالم.

وأنا فتشت في دفتري عن معان تتجاوز الخبز إلى فكرته…فوجدت:

“الخبزأبٌ والمياه أم”.

“عند الجوع لا يوجد خبز سيء”.

الخبز الناشف يحتاج إلى أسنان حادة”.

“قد لا يحول الجوع دون النهوض، ولكن التجويع ، قطعاً وجزماً، يحول دون النهضة”.

ـ 2 ـ

الرابطة الإسرائيلية لحقوق الإنسان كان يرأسها الدكتور” إسرائيل شاحاك” عالم الكيمياء الإسرائيلي، الأستاذ في جامعة تل أبيب…عندما نشر وحاضر وأطلع العالم على تجاوزات إسرائيل لحقوق الفلسطينيين شنوا عليه الحرب  قائلين: “إن تقديم الحقيقة للآخرين ،غير اليهود، بهذه الطريقة الصريحة التي لا تترك مجالاً للتبرير.. تشبه تقديم الذخيرة لعدو”.

ووصلت حربهم ضده إلى حد فبركة إعلان موته. وقد نشرت “الواشنطن بوست” خبر وفاته، وتقريراً عنه، بعد أن شرب القهوة في مكاتبها إثباتاً لكونه على قيد الحياة. ولم يصحح الخبر حتى بعد الاعتراض المكتوب.

إن حقوق الإنسان، عند إسرائيل، مسألة وجهة نظر… فمن يقرر أن الاحتلال هو تحرير أراضي وراثية لا يهمه اليوم إضراب الأسرى عن الطعام لتحسين شروط السجن وليس شروط الاحتلال.

ـ 3 ـ
أما أنا فقد كتبت هذه الرسالة التضامنية:

“عندما بدأت سورية تنزف…عرفت أننا ذاهبون إلى منازلة شقيّة ومؤلمة مع الخبز.

من باب الرمز…خبأت رغيفاً في الثلاجة، استعداداً ليوم الحشر.

من باب الرمز، اليوم، أخرجت هذا الرغيف،

ووضعته على الشرفة

باتجاه فلسطين المضربة عن الطعام”.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى