يوميات عادل محمود”سرّهُ علنْ وخوفهُ وطنْ”
“سرّهُ علنْ وخوفهُ وطنْ”
-1-
الذين يصرخون الليلةَ فوق أسطح النوم البشري…
هم طيور بيضاء، ترفرف أجنحتها، وتصرخ مجموعات مجموعات.
لم نعرف لماذا لا ينامون، ويؤجلون الرحيل إلى الفجر؟
هي رحلة الخريف… أم أنّهن أمهات القتلى، وآباء الضحايا.؟
أرواح القتلى أم صراخ ضمائرنا بين حضنٍ وبضعة أخبار عن رفوف جديدة من ضحايا اليوم الفائت؟
نريد أن ننام أيتها الأمهات، أيها القتلى، أيتها الطيور، أيها الخريف. أيها الرحيل… نريد أن ننام!
-2-
فلتدخلوا المدينة…
الناس نيام وكثيرون، والرقاب ممدودة، والصدور عارية، وصحون العشاء مليئة بزيتونها الأخضر، وبقايا خبزها الياذع.
لكنني أحذّر الجميع من مختلف أصناف البرابرة، وأهداف البرابرة… لا تسلخوا جلد أحد… ليغدو جلداً لحذاء المجازر! فالجلود صالحة لوظيفة أخرى في حروب الإخوة: رايات لأحقاد الليالي المقبلة!
-3-
من يعلم علم الاحتمالات البسيط… أنك عائد إلى هذا المكان الجليل الجميل، مرة أخرى؟
هذه العتبة انكسرت على حواف باب مهجور، وشاع من رخامها عواطفها… أنك قد هجّرتَ الفراشات من جاذبية الضوء حول شموعك الأولى… إلى حقول النار.
من يعلم أنك عائد لكي يتفقّد قلبُك ما لم تقدر على حريقه النار… زغبٌ، كجناح فراشة، على خد تفاحتك الأخيرة؟
-4-
مثل جندي قلق على حافة الشاي، في خندق للموت أمام البرد… أصغيتُ إلى صوتك يهمس لي:
سينقضي عصر العداوات… ونحبّ بعضنا، ونجيد تقبيل أنفسنا في فضاء طليق، وبرارٍ آمنةٍ، ومدن مضاءة…
وفي سرير سريع على حافة النبيذ، في فراش للحياة… أمام البرد…سوف أصغي إليك!
-5-
سأنام إلى جوارك الآن، هنا الآن.
فلقد حفرت ظلّي، ونوع قياسات الجسدْ.
سأنام إلى جوارك، معّرفاً “حُفرتي” بي، وأقول لك:
“يا حبيبتي… دعيني الآن أتدرّبُ على… قبري!”
-6-
أمس مات أخي “نديم”. لم يكن يشبه شيئاً سوى صوته في الوادي، متأبطاً، كل يوم، أغنية “جديدة”، يصطاد بها نَمَشاً أحمر على خدّ تفاحةٍ طائشة في صباها.
لمست بيدي قلبه، وأنا أقول له: وداعاً يا أخي. كان قلبه يابساً في وضوح الموت… بكيت، كأنني قلت وداعاً لكل أنواع الأخوة في عالم الكراهيات. ولكن خّطاً أزرق شعّ في عينيه دلنّي على واجبي أن أحبّ!!
-7-
بعد أن عدتُ منكِ…
الآنَ بوسعي أن أضعَ الركوةَ على النار،
وأغلي اشتياقي إليك.
أترك لرحمن صغير في صوتك أن يختار أغنية قديمة تمجّدُ الأبواب المقفلة على أسرار غيابها…
بعد رشفتين.. سأخرج إلى الطرقات الجبلية الصغيرة…
وأغسل الدروب التي أوصلتكِ.. إليّ!