أنا شخص (رمضاني)..
(رمضاني) أي أنني أحب شهر رمضان المبارك، وأحن إليه عندما ينتهي..
ومرة بكيت لأن شهر رمضان انتهى على اليوم التاسع والعشرين، وكان ثمة حسابات تشير إلى أنه قد يمتد إلى ثلاثين يوما.
أقول ذلك بتجرد عن مسألة الأديان والطوائف، فهذه المسألة طبيعية، وعندها لن يكون جديدا ما سأكتبه الآن، لأني ببساطة أريد أن أذهب مع رمضان إلى زمن قديم، حيث تدور أيام هذا الشهر مع دورة القمر، فإذا رمضان يهل صيفاً، أو شتاءً أو ربيعاً أو خريفاً، شهر يدور على الفصول نظرا لعدم تطابق السنة الهجرية مع السنة الميلادية.
هذا الدوران على الوقت نفسه يخلق ذاكرة منوعة بالنسبة لنا نحن الذين عشنا أكثر مما تحتاجه تلك الدورة التي يكرر فيها رمضان عودته لذات الفصل بعد ثلاثة وثلاثين عاما !
لاحظت ذلك وأنا أكتب أحد نصوصي الأدبية، فقد تطلب السياق مني أن يكون الحدث في رمضان، وكان هذا يعني أنه ينبغي علي أن لا أقع في مطب الاستسهال وأترك الأمور على عواهنها، ورجعت إلى الحسابات لأكتشف أن المرحلة التي أكتب عنها في رمضان ستكون شتاء في ذلك العام، وتحديدا في كانون الأول، وهذا يعني مجموعة تغيرات لابد منها:
أولا : الملابس ، فالشخصيات يفترض أن ترتدي ملابس شتوية . ويمكن أن تحكي عن مشي تحت المطر ، وعن رياح وأمطار وغيوم ودفء وحطب ، وبرد وثلج ..
ثانيا : العبارات ، ففي شهر رمضان تتغير العبارات التي تستخدمها الشخصيات عادة، فلا أحد يدعو الآخر على الغداء، ولا أحد يستخدم عبارة (تعشيت)، ولا أحد يفتح محله في السوق صباحا ويقول لجاره : تفضل إشرب شاي عندي، وهناك عبارات ضرورية مثل تقبل الله صيامكم ، و(إفطارا هنيئا)، وغيرها .
ثالثا: أن مرور مجموعة أيام على الحدث التالي يمكن أن تصبح في (العيد) ، مما يعني أيضاُ الانتباه إلى إغلاق الدوائر الرسمية ، وتغير العبارات والملابس ، وإمكانية شرب الشاي أو القهوة أو حتى الماء ..
رابعا : أن الخمارات والمطاعم والمقاهي كانت تغلق في رمضان وهذا يتطلب المداورة على أي واقعة يمكن أن أرتكب من خلالها خطأ منهجيا، فالدعوة على الغداء لاتصح ، وكذلك الذهاب إلى الخمارة عند أي شخصية أكتب عنها..
خامساً : يمكن الاستفادة من أجواء رمضان التاريخية التي كانت تحصل في تلك الأيام ، سواء الموالد أو المسحراتي والكركوز وغير ذلك ..