خاص –نعم .. ساهم الفنان في الأزمة .
ودوره كبير فيها، فقد ترك صناعة الدراما السورية وراء ظهره، فإذا كان (الجامع مسكر، فنحن مرتاحون من الصلاة)، وجد أمامه خيارات كثيرة، ولكن افتقدت هذه الخيارات مساهمته ولو بعمل واحد يعيد الألق لهذه الصناعة بحيوتها المحلية، وحجته المردود، ولم ترد أبدا على لسان أي فنان سوري ذهب إلى الخارج أي كلمة عن مشكلات أخرى .
صار المشروع الدرامي بالنسبة للفنان السوري هو مشروع تجاري، فهنا ، أي في سورية لم تعد المشاريع قادرة على تقديم الدراما الناجحة، ونسي أنه هو ابن نجاحاتها، وأنه الآن من أهم عناصر استمراريتها ونجاحها، لأنه صار أيضا من عناصر نجاح الدراما العربية المشتركة والمدبلجة والخارجية.
بالتأكيد لايستطيع أي منتج من الجهات العامة (التلفزيون والمؤسسة) تقديم الأجر الكبير الذي قد يثقلها عمل واحد يشارك فيه، وليست المسألة محصورة بهذا الإطار، بل كاد بعض النجوم، نتيجة العروض الخارجية المغرية، يتخلون عن أهمية (المحتوى الدرامي) الذي دافعوا عنه طويلا وساهموا بصياغته.
ومن حق السوري أن يسأل : أين قصي خولي وباسل خياط وتيم حسن وعابد فهد من المنتج الدرامي السوري، وصار من حقه أيضا أن يسأل : هل ما يقدمه هؤلاء من أعمال أنتجت في الخارج يحمل المضمون الذي يليق بسيرورتهم الفنية وبطموحات الفن السوري!
الشركات الخاصة ، بعكس الجهات العامة ، وجدت نفسها أمام خيار صعب، فلكي تتابع أعمالها وتعيد إنتاج رأسملالها، راحت تتكيء على السوق، ولكي تستقطب وتراهن على الرواج ينبغي أن (ترفع الدوز) ، وهذا (الدوز) المرتفع لم نكن ضده أبدا لأن رسالة الفن أكبر من الرقابة والمحسوبيات وأنصاف الدراميين الذين يريدون دراما مغلقة مفصلة على البروباغندا، لكن أعمالا كثيرة دخلت في بروباغندا أخرى، وهذه مسألة على غاية الأهمية، ولايمكن تقييد خيار الفنان فيها، شريطة الدخول في جدلية الانتاج بين الداخل والخارج.
وثمة جانب آخر، يتعلق بالانتاج إذ لماذا يتردد هؤلاء الفنانون في إطلاق شركة وطنية خاصة بهم تنتج أعمالا خالدة، وتحمل الهوية الحقيقية التي يجتمع عليها الجميع.
وعند مراجعة الأعمال التي احتكرت النجوم السوريين وفتحت لهم حسابات مالية كبيرة ، نكتشف سريعا فداحة المشكلة المتعلقة بالمحتوى، وهو محتوى أقل مايقال فيه أنه ذهب بعيدا عن الهوية الدرامية السورية متكئا على الأكشن والعصابات وبهرجة الصورة والترويج البصري والجسدي (الفج) .
مسؤولية الفنان السوري كبيرة في أزمة الدراما السورية ، وينبغي أن يعود إلى هويته التي أعطته شهرته، وبالمقابل على الجهات المنتجة في القطاع العام أن تقترب منه ومن طموحاته ، وينبغي على الشركات الخاصة أن تتبنى مسألة المحتوى الدرامي وتحميه ، فالمشاهد السوري بحاجة إلى أعمال تتعلق به وبحياته وماساته !