افتتاحية الموقع

دعونا نعيش بسلام … )نداء لإنهاء النزاعات في سوريا وبلاد الشام(

ماهر عصام المملوك

تُمثل سوريا وبلاد الشام مهد الحضارات وموطناً للعديد من الثقافات والأديان التي أسهمت في تشكيل الإرث الإنساني العالمي. غير أن العقود الأخيرة ألقت بظلالها على هذه المنطقة الغنية بالتاريخ والثقافة، حيث أضحى السلام أمنية بعيدة المنال لكثير من شعوبها.

وبينما ينعم البشر في العديد من أصقاع الأرض بالاستقرار والتنمية، لا تزال منطقة الشرق الأوسط تعاني من أزمات متشابكة، بدءاً من الحروب والنزاعات وصولاً إلى الفقر والتشريد.

في هذا المقال، نسعى إلى تسليط الضوء على معاناة الشعوب في سوريا وبلاد الشام وكيف يمكن تحويل هذا الواقع الأليم إلى مستقبل مشرق، حيث يسود السلام والتنمية بدلاً من الحروب والدمار.

فقد شهدت سوريا  سلسلة من الصراعات المتشابكة التي تعود أسبابها إلى عوامل داخلية وخارجية أبرزها الاستبداد السياسي في عهد عائلة الأسد على مدى مايقرب من ستة عقود منع فيها وجود نظام حكم يعزز الديمقراطية والعدالة والتي كانت من أبرز العوامل التي أسهمت في تأجيج النزاعات في الساحة السورية للوصول إلى انتصارالثورة السورية على الطاغية وأعوانه  .

فمنذ الاستقلال، عانت العديد من دول الشرق الأوسط من أنظمة سلطوية وفي مقدمتها سورية أخفقت في تحقيق تطلعات شعوبها.

ولقد تم استغلال التنوع الديني والطائفي في المنطقة لإثارة الخلافات والانقسامات. فبدلاً من أن يكون التنوع مصدراً للقوة، أصبح أداة لتمزيق النسيج الاجتماعي.

ولطالما كانت لسوريا  أهمية استراتيجية كبرى نظراً لمواردها الطبيعية وموقعها الجغرافي المتميز وهو ما أدى  إلى التدخلات الخارجية المبنية على المصالح الاقتصادية والجيوسياسية وبالتالي تأجيج النزاعات فيها .

ويشكل الفقر والبطالة وغياب التنمية الاقتصادية بيئة خصبة لتصاعد التوترات. وتعاني سوريا ودول عديدة في بلاد الشام  من تردي الأوضاع المعيشية، ما يؤدي إلى هجرة جماعية ومعاناة شديدة للسكان.

والنتائج هي خسائر بشرية قتل فيها  الملايين، وتشريد الملايين داخل وخارج بلدانه و دمار شامل من انهيار البنية التحتية والمدن التاريخية التي حملت إرث الحضارات القديمة وكذلك في التفكك الاجتماعي وازدياد الكراهية والعداء بين أفراد الشعب الواحد.

وفي الدعوة إلى السلام والحق الإنساني الذي لا يقبل التفاوض، يشكل السلام أساس الحياة الكريمة لأي إنسان، وهو حق طبيعي لجميع البشر بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية أو الدينية.

فالحلول السياسية كإطلاق حوارات وطنية شاملة يجب فيها إشراك جميع الأطراف في مفاوضات صادقة تهدف إلى تحقيق مصالح الشعب، بعيداً عن الحسابات الطائفية أو السياسية.

كما ينبغي للمجتمع الدولي أن يلعب دوراً إيجابياً محايداً بعيداً عن المصالح الضيقة للدول الكبرى.

وكما تحتاج المنطقة إلى جهود دولية واسعة لإعادة إعمار ما دمرته الحروب. ويجب الاستثمار في مشاريع تخلق فرص عمل وتحسن الخدمات الأساسية وفي تحقيق العدالة الاجتماعية . كذلك يتطلب السلام تحقيق المساواة ورفع الظلم عن كافة المظلومين.

اما في التوعية والتعليم، فيجب التركيز على التعليم كوسيلة أساسية لبناء أجيال تؤمن بالحوار والتعاون ونشر قيم التسامح والتعايش.

أما بخصوص مكافحة التطرف ومحاربة الأفكار المتطرفة من خلال نشر ثقافة التسامح واحترام التنوع فتجب المقارنة بسائر أصقاع الأرض وتجارب  مناطق عديدة حول العالم تنعم بالسلام والاستقرار، ونجد أن هناك عوامل أساسية تساهم في ذلك، مثل سيادة القانون، احترام حقوق الإنسان، والاستثمار في التنمية.

ومن المهم أن يُنقل هذا النموذج إلى سوريا وبلاد الشام ، بحيث يصبح السلام أمراً بديهياً وليس استثناء.

بالنسبة للتجارب العالمية الملهمة:

  1. أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية: استطاعت دول أوروبا إعادة بناء نفسها وتحقيق السلام بعد حربين مدمرتين من خلال التعاون الاقتصادي والسياسي.
  2. جنوب إفريقيا: أنهت نظام الفصل العنصري بفضل جهود الحوار والمصالحة الوطنية.

إذا استطاعت هذه المناطق تجاوز محنها، فلا شك أن سوريا ستكون قادرة أيضاً على تحقيق التحول الإيجابي.

أما بخصوص دور الأفراد والمجتمع المدني

فللمجتمعات المحلية والأفراد دور أساسي في بناء السلام وتعزيز التعايش. ويمكن لكل فرد أن يكون جزءاً من الحل من خلال:

  • نبذ الكراهية والعمل على تعزيز قيم الإنسانية.
  • المشاركة في مبادرات تطوعية تدعم السلام والتضامن.
  • الضغط على الحكومات والأطراف الدولية لوقف النزاعات

 

وفي الختام فدعوة للسلام… “دعوني أعيش بسلام”  يحمل معاناة شعوب بأكملها تطمح لحياة كريمة ومستقرة.

فالشعب السوري يحق له كما بقية شعوب العالم ، أن يعيش حياة خالية من العنف والقهر، وحياة يتمتع فيها بالحرية والكرامة.

 

ويتطلب تحقيق هذا الحلم جهوداً محلية ودولية، ووعياً وطنياً جماعياً بمفهوم السلام الذي يبدأ من احترام الآخر مع فرض احترامنا على الآخرين .

دعونا نعمل جميعاً على بناء مستقبل تُطوى فيه صفحات الحروب، وتُفتح فيه أبواب الأمل لشعوب المنطقة كما هو حال البشر في أصقاع الأرض كافة.

السلام ليس خياراً، بل هو الحق الوحيد الذي يستحقه كل إنسان.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى