أحوال الدنيا

العالم بين (عائلة سمبسون) و (صراع العروش)!!

د. فؤاد شربجي

في الأسبوع الماضي انشغل العالم بأمرين. الأول إشاعة “مرض وموت الرئيس ترامب“، والثاني “سر نجاح وتفوق إسرائيل الاستخباراتي” في حرب ال 12 يوما مع إيران. وكلا الأمرين استند فيما نشر عنه والإقناع به إلى عمل درامي تلفزيوني شهير.

‏إشاعة مرض ترامب وموته جرى تكريسها والإقناع بها بمشاهد درامية قيل إنها أذيعت سابقا ضمن حلقات مسلسل الكرتون (عائلة سمبسون) وورد فيها أن “ترامب سيمرض في العام25 20 ويموت في العام 26 20. وسبق أن تم الادعاء بأن مسلسل عائلة سمبسون الكرتوني تنبأ بأحداث عالمية هامة. مثل الهجوم على برجي التجارة العالمية في نيويورك. ورغم أن منتجو المسلسل أكدوا أن هذه المشاهد التي يتم الاعتماد عليها كمرجعية في الأحداث لم ترد في أصل المسلسل، ولا بد أن أحدا صنعها وفبركها بعد وقوع الحدث، رغم ذلك ظل الاعتقاد الشعبي راسخا بأن مسلسل عائلة سمبسون تنبأ بإحداث هامة كان آخرها موت ترامب، رغم ظهوره مؤخرا في ملعب الغولف وفي البيت الأبيض.

‏الأمر الثاني الذي أنشغل به العالم الأسبوع الماضي. كان التحقيق الذي نشرته نيويورك تايمز عن سر نجاح إسرائيل الاستخباراتي. في تحقيق أهدافها خلال حرب 10 يوما مع إيران. وكان هذا السر حسب التحقيق يكمن في ملاحقة وتتبع حرس ومرافقي القيادات. بتتبع هواتفهم لتحديد أماكن تواجد رؤسائهم. الأمر الذي أدى إلى اصطياد هؤلاء القادة والقضاء عليهم في يوم واحد. ووصف تحقيق النيويورك تايمز هذه العملية الإسرائيلية ب (عرس أو احتفال دم). وهو عنوان ومحتوى إحدى حلقات مسلسل (صراع العروش).  خاصة وإن ما جرى للقيادات الإيرانية على يد الطيران الإسرائيلي. يحاكي ويشابه ما جرى للشخصيات في المذبحة التي حصلت في دراما صراع العروش تحت اسم احتفال أو عرس الدم.

‏ما زلت بعض قصص الدراما المتخيلة أو الكرتونية تشكل مرجعية لإقناع الجمهور بما يشابه هذه القصص في الحياة الحقيقية. وقوة تأثير الدراما يجعلها قادرة على إقناع الجمهور حتى بإشاعات ملفقة ليس لها وجود في الحقيقة، كما جرى في مرض وموت ترامب. كما أن للدراما فعل تبرير وتسويغ أعمال فظيعة كما جرى في عملية اغتيال معظم القيادات الإيرانية. هنا نحن أمام إعلام ماهر في تقديره لقوة الدراما. وهو إعلام خبيث في توظيفه الدراما لإقناع الجمهور بما يريد. حتى لو كان ما يريده فظائع خطيرة. وفي كل ذلك أمر أساس ورئيس يذكرنا بمدى قوة الدراما التلفزيونية في التأثير على الناس، ويؤكد عمق الإقناع الذي تولده الدراما عبر قصصها وشخصياتها وأفكارها.

‏للتذكير نحن في سوريا نمتلك امكانيات هائلة لإنتاج دراما مؤثرة، عميقة الإقناع، وذات محتوى ثقافي فني إبداعي قادر على الإسهام في تحصين الضمير الشعبي. وفاعل في تحفيز النهوض الحضاري. لكننا للأسف ما زلنا نضيع هذا الفن وتأثيره بترك انتاجه للمنتجين وظروفهم المالية وفرصهم التسويقية، ورؤيتهم لقيمة ودور الدراما التي ينتجونها. صحيح هناك أعمال مميزة، ولكن الصحيح أيضا ان الإنتاج الدراما متروك في مرحلة الصناعة العشوائية وبلا مسار انتاج إبداعي يلائم إبداع الدراما وأهميتها. إنتاجنا يحتاج إلى سياق يحوله من العشوائية و الارتجالية في الإنتاج إلى مسار صناعة متكاملة الأركان وقائمة على ما يناسب ويعبر عن حضارة وثقافة ورؤية سورية والسوريين تجاه الحياة والحرية والحق والحب والكون. متى نستثمر في إبداع الدراما التلفزيونية السورية بشكل أكثر جدوى وتأثيرا؟؟؟!!

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى