هل لعبت “إسرائيل” دوراً في اغتيال سليماني؟
كتب يونا جيريمي بوب، الصحافي في صحيفة “جيروزالم بوست” الإسرائيلية، تحليلاً حول تقرير شبكة “إن بي سي” الأميركية الذي أشار إلى أن “إسرائيل” ضالعة في تعقب قائد “قوة القدس” في “حرس الثورة” الإيراني الفريق قاسم سليماني، الذي أدى إلى اغتياله بغارة مسيّرة أميركية في الثالث من كانون الثاني / يناير الجاري.
وأوضحت الصحيفة أن هذا كله يخرج فقط من وسائل الإعلام الأميركية، ويبدو أنه في الغالب من مصادر أميركية ، وكان زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان قد رد فقط على هذه التقارير وانتقد أي إسرائيلي يشارك في الترويج لهذه التقارير. كما أعطى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تعليمات صريحة لمجلس الوزراء الأمني بعد وقوع الحادث لإبقاء رؤوسهم منخفضة.
وتساءل كاتب المقالة أنه “إذا كانت إسرائيل قد ساعدت الولايات المتحدة في مواجهة أسوأ إرهابي حي على هذا الكوكب، متورط بدماء عدد لا يحصى من الإسرائيليين على يديه على مدى عقود من الإرهاب، فلماذا لا تحظى إسرائيل بالفخر؟”. وقال إن الجواب هو أن “إسرائيل تأمل في تجنب العدوان الإيراني المباشر عليها – وذلك بسبب الفارق بين المواقف الجيوسياسية لإسرائيل وتلك للولايات المتحدة، والأهم من ذلك هو النجاح الذي حققته إسرائيل في الحفاظ على موقف مستتر عندما دمرت المفاعل النووي السوري في عام 2007”.
وأضاف أن “إسرائيل هي دائماً أكثر حرصاً من الولايات المتحدة – خاصة في عهد إدارة ترامب – بشأن تبني عمليات الاغتيال أو الأعمال العسكرية خارج حدودها. وكانت هناك سنوات من الضربات الإسرائيلية لمنع إيران من نقل أسلحة متطورة إلى ميليشيات في سوريا أو إلى حزب الله في لبنان قبل أن يعترف نتنياهو واللفتنانت جنرال غادي أيزنكوت في النهاية ببعض هذه الضربات”.
ورأى الكاتب أنه “إلى جانب أية مخاوف قانونية، فمن المحتمل أن إسرائيل لا تريد أن تفقد إيران أو سوريا أو حزب الله ماء وجهها أو تشعر بالحاجة إلى الرد”.
وزعمت “جيروزاليم بوست” أن المثال الأكثر شهرة على ذلك هو الجهد الإسرائيلي الواسع لعدم قول أي شيء عن غاراتها الجوية الهائلة وغارات الكومندوس الخاص، بحسب مصادر أجنبية، على سوريا عام 2007 لتأكيد وجود وتدمير المفاعل النووي السري للرئيس بشار الأسد. إذ كان من الممكن أن تؤدي مهاجمة مثل هذا الأصل الاستراتيجي الكبير للعدو ليس فقط إلى رد فعل، بل إلى حرب شاملة مع سوريا. ومع ذلك، ولأن الأسد حافظ على سرية وجود المفاعل، فقد كانت لديه حوافز شديدة لعدم قول شيء علني لإنقاذ ماء الوجه”.
فقد تم تأكيد تورط “إسرائيل” رسمياً بعد أكثر من عقد من الزمان فقط عندما أصبح الهجوم تاريخاً قديماً وكان يُنظر إلى الأسد على أنه أضعف ومردوع.
وقال الكاتب “إن الغرض الكامل لجهاز “الموساد” الإسرائيلي، خلال 99٪ من الوقت، هو إخراج الإرهابيين من ماليزيا إلى تونس حتى تتمكن إسرائيل من حماية الأمن الإسرائيلي من دون رد عسكري”.
وأضاف أن وكالة التجسس الإسرائيلية تحاول عادة تصفية شخص واحد فقط في المرة الواحدة، وإجراءاتها المعتادة هي القيام بذلك في مكان أقل عمومية، مما يجعل الاغتيال في مستوى مستتر قدر الإمكان. وفي كثير من الأحيان، تستغرق التقارير حول اغتيال الموساد المزعوم بعض الوقت حتى تصل إلى المجال العام، وباستثناء الكشف فجأة عن جثة المقتول، فلا أحد يعرف ما حدث ومتى.
وتابعت المقالة أنه “على الرغم من أن الولايات المتحدة قد تتصرف سراً في بعض الأحيان، إلا أن إدارة ترامب أرادت بوضوح قتل سليماني بأكثر طريقة مدوية ممكنة لردع “الجمهورية الإسلامية” عن أي عدوان في المستقبل. وهذا هو السبب في أن نتنياهو وغيره من المسؤولين الإسرائيليين سيبذلون قصارى جهدهم لتجنب تأكيد إسرائيل لتورطها، وفقاً لتقرير شبكة إن بي سي”.
في المقابل، يُعرف ترامب وبعض أعضاء فريقه بأنهم من بين أكثر الإدارات انفتاحاً في التاريخ للتفاخر بالنجاحات العسكرية.
ورأت الصحيفة أنه بقدر ما جاء ادعاء تورط “إسرائيل” المزعوم من مسؤولي ترامب، لم يكن ذلك بالضرورة يأخذ في الاعتبار رغبات “إسرائيل” بقدر ما كان يعطي قصة كاملة وشاملة لشبكة “أن بي سي” NBC وغيرها من وسائل الإعلام للحصول على أقصى تغطية إعلامية للقصة الشاملة. فإذا كانت “إسرائيل” ضالعة في اغتيال سليماني، كما تقول المصادر لتقرير شبكة “إن بي سي”، وكما يدعي ليبرمان، فإنهم ما زالوا يواجهون صعوبة في كشف تورط “إسرائيل” المزعوم بشكل مجهول لوسائل الإعلام الأجنبية لتغطية مساراتهم جزئياً.
ورأت “جيروزاليم بوست” أن ذلك قد يكون “محاولة للحصول على بعض الفضل بعد تسعة أيام من وقوع الحادث وبطريقة ملتوية وكافية لتقليل خطر انتقام إيران من إسرائيل.. فإذا كان الهجوم على المفاعل النووي السوري مثالاً، فقد يستغرق الأمر وقتًا طويلاً قبل الكشف عن المدى الحقيقي لتورط إسرائيل”.
ترجمة: الميادين نت