مع ” موريس ميترلنك “
موريس ميترلنك كاتب متميز من أصل بلجيكي ومن المنطقة المتكلمة باللغة الفرنسية ( ولا بأس أن نعرف أن بلجيكا تتألف من ثلاث مناطق: 1- منطقة الفلاندر وتتكلم اللغة الهولندية – 2- ومنطقة فاللون وتتكلم الألمانية و 3 – منطقة بروكسل “العاصمة ” وضواحيها و تتكلم الفرنسية وقد ولد ميترلنك عام 1862 وتوفي عام 1949 ، وتتميز كتاباته بأسلوبها الذي يجمع بين الرمزية والصوفية خاصة في مسرحياته ” الأميرة مالين1889 ” و ” بيلياد 1911 ” و كتابه الشهير ” حياة النمل 1901 ” و قد نال جائزة نوبل عام 1911 و كتب أخرى متنوعة …
و من مقالاته عن الصمت مثلا :
1- جرب مرة أن تمسك لسانك يوماً كاملاً ، ثم تأمل كيف تصبح مخططات تفكيرك وواجباتك في الغد أشد صفاءً ووضوحاً !
2- ( الكلام على الأغلب ليس كما يقول الفرنسيين ” إخفاء الفكرة ” بل هو فن خنق الأفكار و تعليقها بحيث لا يبقى شيء صالح للإخفاء …)
3- (( إن قبلات الصمت الحزين – لأنه أكثر ما نلجأ إلى الصمت في إيقاف الشقاء – لا يمكن أن تنسى و لهذا كان لهؤلاء الذين عرفوها أكثر من الآخرين قدر أعظم – إنهم وحدهم تقريباً يعرفون على أي مياه خرساء عميقة تستريح القشور الرقيقة لحياتنا اليومية – لقد تقربوا أكثر فأكثر من الله وهذه الخطوات التي قاموا بها بإتجاه النور خطوات لا تضيع أبداً، ذلك لأن الروح شيء يجوز أن لا يصعد ، و لكن لا يمكن أن يهبط بعد صعود …))
4- أليس هو الصمت الذي يحدد و يبين طعم الحب ؟ إن الحب المحروم من الصمت لا طعم ولا أريج له ، و من منا لم يعرف تلك الدقائق الخرساء التي تفصل ما بين الشفاه لتجمع الأرواح ؟ يجب أن يطلبها دائما ، إنه لا يمكن أن يوجد صمت أكثر وداعة من صمت الحب ، إنه حقا الصمت الوحيد الذي لا يخص أحدا سوانا !..
و من مقالات أخرى بعنوان :” الحكمة و القدر ” نقرأ:
1- ( تسلق الجبل أو أهبط الوادي إذهب إلى آخر العالم أو تنزه حول بيتك إنك لن تقابل إلا نفسك في طرق المصادفة فإذا خرج ” جوداس” هذا المساء فإنه سيذهب إلى جوداس و سوف تتاح له فرصة الخيانة و لكن إذا فتح ” سقراط ” بابه فإنه سيجد “سقراط ” نائما على عتبة الباب و سوف تتاح له الفرصة ليكون حكيماً عاقلاً .)
2- العاقل الصحيح ليس هو الذي يرى فحسب ، بل هو الذي يرى أبعد الأشياء ويحب الناس من أعماقه . إن من يرى دون أن يحب كمثل الذي يتطلع في دياجيرالظلام..)
3- ( يجب ألا ننسى أن لا شيء يصيبنا إلا إذا كان من الطبيعة نفسها التي فطرنا عليها ..)
لم أستطع بعد إنتهائي من ترجمة تللك الأقوال لهذا الكاتب الكبير إلا أن أقرر فورا إهداء بعضها إلى قرائي ، لا لشيء إلا لأنها كانت جديدة علي ، ذلك أن ما قاله هذا الكاتب العميق فكريا حول ” الصمت ” أو ” الحكمة و القدر” كان مخالفاً لما كنت أعرفه ولكنه إستطاع إقناعي بأحكامه الأعمق و بهذا المعنى إستطاعت قراءتي لميترلنك أن تنبهني إلى شروح أخرى للصمت أو للحكمة و القدر …و هذا ما يدفعني إلى أن أسألكم : هل إستطاع ميترلنك أن يغني مطالعاتكم و قناعاتكم بأفكار أخرى أعمق مما لديكم …لا تقرؤوا إذن بسرعة ، تمهلوا في قراءاتكم كي تفكروا فيها أفضل و أعمق فيما تعودنا عليه و لم يكن سليما بمعناه المطلق…