ابا العلاء و المتنبي
كنت أقرأ أبا العلاء حين مررت بهذي البيتين :
قَد فاضَت الدُنِّيا بِأَدناسِها عَلى بَراياها وَأَجناسِها
وَكُلُّ حَيٍّ فَوقَها ظالِمٌ وَما بِها أَظلَمُ مِن ناسِها
و تشاء المصادفة أن أقرأ المتنبي في اليوم نفسه فأتوقف على هذين البيتين:
أذُمّ إلى هذا الزّمانِ أُهَيْلَهُ فأعْلَمُهُمْ فَدْمٌ وأحزَمُهمْ وَغْدُ
وأكرَمُهُمْ كَلْبٌ وأبصرُهُمْ عمٍ وأسهَدُهُمْ فَهدٌ وأشجَعُهم قِرْدُ
و ألاحظ أن هذه الأبيات متقاربة في معانيها و أن هناك إختلافاً في شخصية الشاعر و تماثلاً واحداً في نوع الشخصية إذ نرى أن أبا العلاء أقرب إلى المفكر الفيلسوف في حين نرى المتنبي أقرب إلى صراخ الغضب المباشر العنيف و خير ما يمكن قوله في توصيف أبي العلاء بالفيلسوف الرصين و العميق جداً في أدائه في حين يبدو المتنبي أشبه بالشاب العصبي المزاج و المستعد للقتال دفاعاً عن موقف الجريء و العنيف جداً، و مع ذلك نراهما متشابهين من حيث الموقف الفكري و الأقتدار على فضح العصر كله مع التنوع في الشخصية إذ يعد ابو العلاء أشبه بالمعلم العميق الأفكار في حين يبدو المتنبي أشبه بالمقاتل و هو يصف الجيل البشري نفسه كحيوانات قذرة …
هكذا كان الشعراء القدامى فماذا نقول في الشعراء المحدثين؟ !