التغير في الأديان
ثمة سؤال يطرح نفسه بقوة في هذه الأيام :
هل بقيت الأديان السماوية الثلاث على دورها الحقيقي في ما دعت إليه لإنقاذ البشرية من شرورها ؟
حين نقارن بين سلوك المؤمنين بهذه الأديان في عهودها الأولى بما طرأ على هذا السلوك من تغيرات لا بد أن نلاحظ أن هذا السلوك حافل بالخطايا و الذنوب التي تؤكد على أن الذين عملوا حقا بروح هذه الاديان كانوا قلّة تكاد لا تذكر في حساب السلوك الحسن، فاليهود مثلا تاريخهم حافل بالأثام التي تتنافى مع الوصايا العشرة التي لم يعد يعمل بها أحد إلا النادر من الصالحين.
حين نتحدث عن المسيحية يدهشنا فعلاً كيف أن الدين الذي ألح على المحبة والغفران واحترام الحياة ومع ذلك فإن تاريخ المسيحين منذ أن غدا دين الدولة الأمبراطورية الرومانية صار ديناً عنيفاً عصف بكل ما دعا إليه المسيح من محبة وتسامح ، وكيف تحول إلى دين ترتكب فيه أفظع أحداث العنف الوحشي ضد الذين تأخروا في قبول المسيحية ديناً لهم حتى كأنهم لم يعودوامسيحين حتى أن الكنيسة تضامنت مع إستخدام العنف حتى بعد إنفصال الدين عن الدولة بعد الثورة الفرنسية الشهيرة عام 1789 إذ تلوثت هذه الثورة في بلاد أخرى كما في المستعمرات التي سيطرت عليها تلك الدول التي حملت راية الصليب.
و قد حدث لدى المسلمين ما يماثل هذا التاريخ الوحشي منذ اغتيال ثلاثة من الخلفاء الراشدين و منذ ذلك الحين حتى عصور الإنحطاط المديدة إلى حكم العثمانيين إلى أيامنا الحاضرة لا نجد عبر هذا التاريخ عهداً جديراً أن يسمى بحق عصراً إسلامياً حقيقياً، وهكذا مع إنتشار الفساد و القسوة من أواسط القرن الرابع الهجري، إنحطت الأمبراطورية الإسلامية وسادت في الدول الإسلامية التي نجمت عن الإنحطاط أنظمة الحكم الإستبدادي أكثر فأكثر حتى أيامنا الحافلة بما تقوم به منظمتا ” طالبان ” و ” داعش” و غيرهما من منظمات إسلامية من عنف وحشي لا ينسجم مع روح الإسلام.
هل من الممكن بعد كل هذه التغيرات أن نقول لم يعد لتلك الأديان المسماة سماوية أن توصف بأنها ما تزال سماوية ؟!.