خاص
فرض الوجود السوري نفسه على المشروع الدرامي المشترك السوري/اللبناني، الذي ينهض ويتسع برأسمال لبناني قوي اتكأ على الخبرة السورية في الكتابة الدرامية ومرتكزات هذه الصناعة من نجوم سوريين يتقاسمون البطولة مع نجوم الدراما اللبنانية..
وهذا الوجود طبيعي لسببن الأول أن لسورية علاقة جوار وتاريخ مع اللبنانيين، مرت بظروف صعبة منذ حزيران 1976 عندما حاولت قوات الردع العربية، وعمودها الفقري القوات السورية إيقاف الحرب الأهلية في لبنان، ثم بقيت وأثرت في الحياة السياسية اللبنانية لغاية انسحابها عام 2005 .
والثاني نتائج الحرب على السوريين التي أفرزت (عبر تدفق الللاجئين) ثقلا ديمغرافيا على اللبنانيين ، مالبث هذا الثقل أن عكس ظروفه في الدراما !
في مسلسل (الهيبة)، من إنتاج شركة سيدرز آرت برودكشن، وتأليف وسيناريو وحوار هوزان عكو، وإخراج سامر برقاوي، ومن بطولة الفنان السوري تيم حسن، والفنانة اللبنانية نادين نسيب نجيم ، وفي أجزائه الخمسة، كانت الشخصية السورية حاضرة عبر الأم (منى واصف)، التي كانت تسمى بالشامية، وكانت الهوية السورية موجودة عبر تداخلات الأحداث والمسارات الدرامية (تهريب الأسلحة والمخدرات وتصراع المافيا بين الجانبين)، وقدم العمل بمجمله صورة التواجد السوري، دون صراع كبير وواضح حول المسألة. لكن ثمة رسالة قدمها المسلسل كمشروع إنتاجي (ناجح) تؤكد أن فك الترابط بين البلدين صعب بل ومستحيل حتى في مجال المافيا، فظروف البلدين تنتج يوما بعد يوم تشابكات صعبة الحل.
في مسلسل (النار بالنار) دخل المخرج السوري محمد عبد العزيز على الخط بنص إشكالي للكاتب السوري رامي كوسا وبطولة عابد فهد، كاريس بشار، جورج خباز، طوني عيسى وهدى شعراوي، فأثارقضية أخرى لم يطرحا (الهيبة) في أجزائه الخمسة، هذه القضية تتعلق في حال السوريين اللاجئين في لبنان، والتمييز العنصري الذي يعانون منه، لكن في الوقت نفسه ، بعث برسالة واضحة تماما تؤكد الفكرة الأولى حول العيش المشترك، والترابط الغريب بين مصير الإنسان في سورية ولبنان ، وقد اتضح ذلك في نهاية المسلسل من أن المأساة واحدة.
أما في مسلسل (وأخيرا) الذي أضافته شركة الصباح لإنتاجها المتلاحق، والذي قام ببطولته قصي خولي، ونادين نسيب نجيم، وكتبه وأخرجه أسامة الناصر، فقد وصل إلى النقطة الحساسة التي أشرت إليها على صعيد الارتباط المأساوي بين الإنسان السوري واللبناني، فكلاهما يعيش المأساة نفسها، ويكسر الحب بين الشخصيتين الرئيسيتين كل الظروف الصعبة ، ويتغلب عليها في احتفالية النهاية..
هذا يعني أن هناك مجموعة مسائل يمكن التأكيد عليها في أعمال درامية أخرى، تتعلق بحال السوريين في لبنان :
أولا ، شكل هؤلاء ثقلا على المأساة اللبنانية، مما دفع الدراما على تسليط الضوء عليها، وفي هذا الثقل، برزت العنصرية كرد فعل ، وهروب من الحقيقة الكامنة وراء الأحداث، وهذه النقطة تتطلب وعي سياسي يكشف أن الاستهداف شامل أي أنه للمنطقة ككل سواء من (الخارج) ، أو من (الداخل) ، وبالتالي فالشعبين السوري واللبناني مستهدفان أصلا في جوهر مصيرهما.
ثانيا، أن لا سلطات شرعية تؤدي دورها في التعاطي مع هذه المأساة، فالسوري متروك لقدره، واللبناني متروك لقدره ، ودع الأقدار تفعل ماتشاء، والمطلوب هنا رؤية للحل تقوم بها السلطات السياسية لتشكل الغطاء والمرجعية التي يأوي إليها الطرفان .
ثالثا ، وهو هام جدا، أن وعي الإنسان السوري، واللبناني لطبيعة الأحداث ضروري في تكوين سلوكيات كل منهما تجاه الآخر.