الكيان يُقيّم العدوان: “إثبات إضافيّ لفشل إسرائيل العظيم”..
الكيان يُقيّم العدوان: “إثبات إضافيّ لفشل إسرائيل العظيم”…..بعد أنْ غاب الثلج وبان المرج، وبعد أنْ أنهت دولة الاحتلال احتفالاتها بالـ”إنجازات” التي حققها جيش الـ”دفاع” في العدوان الغاشم على قطاع غزّة، عاد الإسرائيليون للتباكي على نتائج العملية العسكريّة، مع التأكيد على أنّ عملية (مطلع الفجر) لم تُقدّم ولم تُؤخِّر، إذْ أنّها أكثر من أيّ شيءٍ، كما قالت (هآرتس) العبريّة في افتتاحيتها، إثبات إضافيّ للفشل العظيم والكبير (COLOSSAL) الذي يُميّز السياسة الإسرائيليّة في كلّ ما يتعلّق بقطاع غزّة، لافتةً في ذات الوقت إلى أنّ جولات الحرب المُسلحة والدامية، والتي ارتفعت وتيرتها في الفترة الأخيرة، مسّت بالحياة اليوميّة للإسرائيليين في جنوب الكيان، وحوّلت حياة الفلسطينيين في قطاع غزّة إلى كابوسٍ مستمرٍّ، على حدّ تعبيرها.
إلى ذلك، رأى الجنرال المُتقاعد موشيه إلعاد أنّ العملية الإسرائيليّة شكلّت معادلة من ثلاثة أمور: الأول هو طول نفس الجهاد الإسلامي كتنظيم مقاوم صغير مع قدرة عسكرية محدودة، مُضيفًا في مقالٍ نشره بصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، والذي جاء تحت عنوان (غرزنا إسفينًا بين حماس والجهاد، لكن وماذا بعد؟)، مُضيفًا إنّه “لو توقف التنظيم في الأيام الأولى عن إطلاق الصواريخ لكانت إسرائيل حققت ردعًا مهمًا لمصلحتها، وإذا واصل (الجهاد الإسلاميّ) القصف لفترة طويلة من الزمن، فإنّ هذا الأمر سيساعد في تعظيم صورته”.
الأمر الثاني، بحسب إلعاد، هو كم ستستمر التفرقة الداخلية في غزة، “إسماعيل هنية ويحيى السنوار لم يطلبا من أنصارهما إطلاق النار ضد إسرائيل إذ إن لديهما مصلحة حقيقية في التضييق على الجهاد الإسلامي، لأنّ نجاحه يهدد هيمنة (حماس) ويمكن أنْ يلحق ضررًا استراتيجيًا بسيطرتها على القطاع. والخلاصة هي أنه للمرة الأولى نجحت إسرائيل في دق إسفين بين “حماس” وبين التنظيمات “المارقة”، وموضعة (حماس) بمنزلة الشخص الراشد والمسؤول في القطاع.
إلعاد أضاف في مقاله أنّ “الأمر الثالث هو الفترة الزمنية التي تستطيع إسرائيل التحرك خلالها في المواجهات في غزة، فلو طُلب من الجيش الإسرائيليّ مواصلة العملية وتوسيع نطاقها لتدمير البنى التحتية للجهاد، ولاحقًا حماس أيضًا، كان السؤال سيُطرح بشأن فرص النجاح أمامها، وما هو عدد أيام السماح التي سيمنحها المجتمع الدولي لإسرائيل من أجل إنجاز المهمة”، كما قال.
عُلاوةً على ما ذُكِر أعلاه، رأى إلعاد أنّ “لحركة (حماس) يوجد ميثاق مكتوب وآخر غير مكتوب، والثاني يشمل جميع أنواع التلاعب الممكنة: كيف نخدع العدوّ الإسرائيليّ؟ كيف نعمل لكي نُقنعه بأنّ (حماس) ذاهبة لتلبية مطالبه، وكيف يُمكِن إغراؤه بأنّ الحركة ستنتهِج خطوةً “إيجابيّةً”، وكيف نخدع إسرائيل لتقتنع بأنّ (حماس) باتت “متزنّةً ومعتدلةً وبراغماتيّةً”، مؤكِّدًا أنّ “كل هذه الحركات والتحركّات من قبل (حماس) تهدف لوضع الأمور في نصابها، لتكون مستعدةً مرّةً أخرى لتنفيذ المُهمّة التي وردت في ميثاقها الرسميّ، والتي تُلزمها بإعلان الجهاد ضدّ العدوّ الصهيونيّ”، على حدّ قوله.
في السياق نفسه قال المُحلِّل روغل ألفر من صحيفة (هآرتس) إنّ المجتمع الإسرائيليّ يعيش كذبةً متفقٍ عليها وبموجبها فإنّ إسرائيل قامت بعمليةٍ عسكريّةٍ في غزّة، ولكن الحقيقة أنّ هذا هراء وكذب، قال المحلل وتابع:” كلّ ما قاموا به عندما تحدّثوا عن (العملية) ليس صحيحًا، فقبل بدء الحدث، الذي تمّ تعريفه بالعملية العسكريّة، وأُطلِق عليه اسم (مطلع الفجر)، لم تُطلَق القذائف والصواريخ باتجاه إسرائيل”، كما قال.
ألفر شدّدّ على أنّه “منذ بدء الحدث المدعو (عمليةً)، استمرّ سُكّان الجنوب في الحياة تحت الإغلاق، ولكنْ بالمُقابِل أطلقت الصواريخ باتجاه مُستوطنات (غلاف غزّة)، وليس فقط هناك، بل وصلت الصواريخ إلى عسقلان، أسدود، بات يام، ريشون لتصيون وتل أبيب، وبتلخيصٍ غيرُ نهائيٍّ، فإنّه خلال (العملية العسكريّة) تعرّضت إسرائيل لمئات الصواريخ، على الرغم من أنّ سُكّان الجنوب كانوا تحت الإغلاق التّام”، كما أكد المحلل الإسرائيليّ.
ومضى ألفر قائلاً: “في هذا الواقع المُلطّخ بدماء الأطفال نعيش، وعلى الرغم من ذلك، واصلت قنوات التلفزة بثّ التقارير عن العملية، التي لم تكُن أبدًا، وأحضروا للاستوديوهات نحللين تحدّثوا عن إنهاء التهديد بإطلاق الصواريخ، والقضاء على البنية التحتية للإرهاب، وأيضًا تكلّموا عن (الردع)، أيُّ ردعٍ؟ الردع ليس موجودًا بالمرّة، ذلك لأنّه لا يُمكِن ترميم أوْ صقل ما هو ليس قائمًا منذ البداية، وإذا كان يُخيَّل لنا قبل (العملية العسكريّة) لتجديد “الردع”، كانت حركة (الجهاد الإسلاميّ) مردوعةً، فإنّه خلال العملية ظهر ردعها عندما قصفت تل أبيب وضواحيها، المعروفة باسم منطقة (غوش دان) في مركز الدولة العبريّة”، وفق أقوال المُحلِّل الإسرائيليّ.
في الخُلاصة يُمكِن القول إنّ إسرائيل ربّما ربحت المعركة، ولكنّ الطريق للانتصار بالحرب ما زالت بعيدةً ألف سنةٍ ضوئيّةٍ، والتحدّي الذي تُشكّله المقاومة الفلسطينيّة، بجميع تنظيماتها، الوطنيّة والإسلاميّة، على حدٍّ سواء، كان وما زال وسيبقى قائمًا، لا بلْ وباعترافٍ من قادة تل أبيب، فإنّ الترسانة العسكريّة للفصائل في قطاع غزّة آخذةٌ بالتعاظم، كمًا ونوعًا، وبدعمٍ إيرانيٍّ.
ومن المُفيد في هذه العجالة التذكير بأنّ دولة الاحتلال وفي تقديرها السنويّ هذا العام، وفي الأعوام التي سبقته، وضعت المقاومة الفلسطينيّة في المكان الثالث بالتحدّيات الإستراتيجيّة عليها، بعد حزب إيران وحزب الله، كما أنّ تهديدات إسرائيل المُتكررة بإعادة احتلال قطاع غزّة، كانت عمليًا تعبيرًا عن تفكيرٍ رغبويّ (Wishful thinking)، لأنّ سلاح البريّة، كما أكّد الجنرال الإسرائيليّ المُتقاعِد يتسحاق بريك، ليس جاهزًا وليس مستعّدًا وهو أوهن من القيام بهذه المُهمةٍ كما قال.