المواطن العربي .. هل يستمتع بفصول التغيير العربي ؟؟
المواطن العربي .. هل يستمتع بفصول التغيير العربي ؟؟ هواجس وتساؤلات كثيرة يعيشها المواطن العربي هذه الأيام .. تهز كيانه ليعيد ترتيب أولوياته و نظرته للأوضاع السياسية والمتغيرات الأساسية التي تحصل حوله ، فلأول مرة منذ عقود الاستبداد يكون لهذا المواطن دورا” فيها .. واليوم يعيش المواطن العربي ربيعا” من نوع أخر شارك هو بصنعه .. ربيع مستمر منذ نهاية ال2011 ربيع قد يكون مزهرا” بالنسبة للبعض .. وقد يكون خريفا” بالنسبة للبعض الأخر .. أو بلا أي تأثير بالنسبة لمن استسهل الرحيل والهرب … أو لمن ينتظر النتيجة ليقرر ..!!!
– فالربيع مزهر عند مواطن يحلم بأن يكون مواطنا” فاعلا” ، يسعى الى الديمقراطية الحقيقية .. ينتخب ويختار من يمثله ويسعى ليوصل صوته .. ويشارك برسم ملامح دولته المستقبلية .. ويقبل برأي الأغلبية من منطلق الديمقراطية
– والربيع أصبح خريفا”عند مواطن يريد شكلا” محددا” للدولة المستقبلية يحقق أحلامه هو … ويشعر بالاحباط عندما لا تكون مجريات الأمور كما يريد.. فالديمقراطية بالنسبة اليه هي وطن على حجم أحلامه ،سواء” بدولة علمانية مدنية ، أو دولة دينية اسلامية.. وهو يرفض أي فكر مختلف أو شكل الدولة الأخر. فالعلماني يرفض تماما” الفكر الديني .. والمتشدد يرفض تماما” الفكر العلماني .. والصراع بينهما عنفي قد يلغي أحدهما الأخر ..
– وليس للربيع أي تأثير عند مواطن لا يشارك فعليا”، ولا يمارس حقه في الاختيار بل ينتظر النتيجة ليقرر ان كان ممكنا” له التأقلم أو عليه الرحيل ..
– وهو شتاء طويل عند مواطن يرفض التغيير أصلا” ويحاربه ويعتبر كل من يختلف عنه خائنا” وعميلا” لأنه يؤذي مصالحه المرتبطة ببقاء هذا النظام واستقراره وأمانه …
أنماط من المواطنة تظهر بوضوح مدى الشرخ الكبير الذي عملت الأنظمة العربية الاستبدادية على خلقه بسبب تغييبها مفهوم المواطنة الواضح والصحيح ،اضافة الى قمع أي رأي مختلف أو معارض لسياساتها ، أو قد يضر بمصالها الأحادية من خلال أجهزتها الأمنية الحاكمة والمتوغلة في عقل المواطن وتربيته والتي تجلس رقيبا” على فمه وتصادر فكره وكلماته .. هذه السياسة الأمنية المحكمة والممنهجة التي عملت على زرع الخوف في العقول والنفوس العربية لتحمي بقاءها ووجودها ،جعلت المواطن العربي درجات ؛ مواطن درجة أولى .. حسب قربه وولائه للنظام الحاكم ولشخص الحاكم ، وحسب كمية المال التي يساند ويدعم بها بقاء النظام برمزه الحاكم ، هذا مدعوم وواصل ومعفي من المحاسبة وهو فوق القانون وكل أموره محلولة باسم الحاكم .. فبدأت المحسوبيات والرشاوي والفساد تتوغل في مؤسسات الدولة ومفاصلها الرئيسية ليصبح لكل مسؤول سعر .. ولكل خدمة سعر ..ولكل غلطة سعر …والمواطن يدفع الثمن ..
سياسة عملت على تشويه مفهوم المواطنة والانتماء .. وجعلت الانتماءات الفئوية والعشائرية والمذهبية والطائفية تسيطر على أولويات المواطن بسبب احتكار السياسة والفكر والتنمية على حاشية النظام ، ومن هم مصدر ثقة وقرابة له .. ليكون التحول الكارثي من مرحلة الانتماء للوطن أولا”، حيث الجميع مواطنون متساوون بالحقوق والواجبات في الدستوربغض النظرعن انتماءاتهم الفكرية والسياسية والعقائدية والدينية .. وهناك قانون يحاسب ويحاكم الجميع بدءا” من الحاكم ، لينحصر مفهوم الوطن بالانتماء لشخص ،أو لنظام ،أو لفئة أو لطائفة .. وليكون هم َ المواطن تسديد ذممه المالية وفروضه الطاعية بتبجيل وتمجيد عطاءات الحاكم لكسب رضا النظام وطقمه الحاكم ..
فرغم شعار المواطن أولا” .. الذي طرحته الحكومات العربية السابقة للربيع العربي أو للحكومات التي ما زالت تتسابق مع شعبها لفرض نفسها من جديد ورفض التغيير .. و الذي تاجرت به الأنظمة العربية البالية كلف المواطن مواطنته وجعلته مطية لبقاء هذه الأنظمة عقودا” طويلة عملت خلالها على تحطيم المواطن !!
اليوم مع بزوغ فجر الربيع العربي هناك تحد كبير ينتظر الحكومات العربية الجديدة ،وينتظره المواطن العربي ،الذي بدأ يحلم بوطن يكون فيه هو مواطن دون محسوبيات أو تصنيفات أو انتماءات .. وله حق انتقاد الخطأ ومحاسبة المسؤولين … تحد يقوم على اعادة بناء الانتماء الى الوطن أولا” .. تحد يقوم على اعتماد مبدأ المواطنة القائم على احترام حرية الرأي والتفكير والمعتقد ،والشراكة الحقيقية ،وحق الاختيار، ورأي الأغلبية ..
فلن يستمتع المواطن العربي بفصول التغيير العربي الا اذا فهمت الحكومات العربية الجديدة هذا الحق .. وعملت على اعادة بناء الثقة بين نظامها وسياساتها التي تحترم حقوق وأحلام ورأي المواطن .. وأعادت اليه مواطنيته ..
ليكون المواطن أولا … فعليا” وليس مجرد شعار …