تسرع يحرج تبون ويكشف ارتباك الدبلوماسية الجزائرية في إفريقيا
تسرع يحرج تبون ويكشف ارتباك الدبلوماسية الجزائرية في إفريقيا…نفى المجلس العسكري في النيجر في بيان صادر عن وزارة خارجيته صحة أن يكون قد قبل بمبادرة الجزائر للعودة للنظام الدستوري في تأكيد يتناقض مع إعلان كان قد صدر عن الخارجية الجزائرية أمس الاثنين، فيما يشير هذا التضارب إلى أكثر من احتمال في التفسير لكنه يحمل في طياته أيضا إشارة واضحة لحالة إرباك في الدبلوماسية الجزائرية.
والأمر المعلن من قبل الجزائر لا يمكن أن يكون قرارا ارتجاليا في كل الأحوال لكنه يؤكد مرة أخرى تسرعا وثقة زائدة عن اللزوم ذهبت أبعد في تقدير وزن الدبلوماسية وحراكها في إفريقيا رغم أن كل المؤشرات تثبت أنها لم تحقق في وساطات ومبادرات سابقة نتيجة تذكر في إحالة واضحة على ضعف في الأداء وهو ما يفسر إلى حدّ كبير عدم الاستقرار على رأس الخارجية التي تولاها 3 وزراء في نحو عامين.
وقد يفسر عدم الاستقرار في الدبلوماسية الجزائرية إلى مزاجية القرار السياسي كما يمكن ارتدادا لصراع الأجنحة داخل السلطة التي لا تأخذ في الاعتبار أهمية ثبات واستقرار السياسية الخارجية.
خارجية النيجر أكدت في بيانها رغبتها في الحفاظ على روابط الصداقة مع الجزائر وهي رسالة مضمونة الوصول في معانيها للجانب الجزائري الذي فسر إعلان نظيره النيجري على هامش لقاء بين ممثلين عنهما في نيويورك، استعداده لدراسة المبادرة الجزائرية على أنه قبول لتلك المبادرة.
وذكرت وكالة أنباء النيجر نقلا عن بيان الخارجية النيجرية أن الجانب النيجري حدد منذ البداية أن مدة الفترة الانتقالية يجب أن تعتمد على نتائج المنتدى الوطني الشامل وكذلك على المبادئ التوجيهية للتغييرات في حكم البلاد.
وجاء في البيان “حتى قبل إضفاء الطابع الرسمي على نتائج هذا الاجتماع، فوجئت وزارة الخارجية بأنها لاحظت على شبكات التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام بيانا للحكومة الجزائرية يشير إلى أن النيجر قبلت وساطة الجزائر التي عرضت على الجيش ستة خيارات”.
وتابعت الخارجية النيجرية في بيانها “نظرا لما سبق، فإن حكومة جمهورية النيجر ترفض هذه المزاعم وتجدد التأكيد على رغبتها في الحفاظ على روابط الصداقة والأخوة مع الجزائر”.
وبدا الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون مستعجلا في تحقيق انجاز دبلوماسي في إفريقيا بينما فشلت كل الوساطات الإقليمية والدولية الوازنة في حل الأزمة في النيجر، في محاولة على ما يبدو لإظهار قدرة بلاده في التعاطي مع الأزمات الإقليمية والتي تمس بدرجة أولى أمن الجزائر القومي.
وكان قد كلف وزير خارجيته أحمد عطاف الذي لم يمض على توليه المنصب بضعة أشهر خلفا لرمطان العمامرة، بالتوجه إلى نيامي في أقرب وقت ممكن من أجل مناقشات تحضيرية مع كافة الأطراف المعنية بسبل تفعيل المبادرة الجزائرية.
لكن رد الخارجية النيجرية أظهر سريعا أن الإعلان الجزائري مجرد مزاعم ما يحرج ليس الدبلوماسية الجزائرية بل رأس السلطة.
ويظهر الرد النيجري ما سبق وتداولته تقارير إعلامية غربية وافريقية حول تراجع الدبلوماسية الجزائرية في إفريقيا بسبب انشغالها في السنوات الأخيرة في معالجة أزمات اقتصادية واجتماعي وسياسية خاصة بعد الحراك الشعبي الذي اجبر الرئيس السابق الراحل عبدالعزيز بوتفليقة على الاستقالة.
ويقول متابعون للشأن الجزائري إن حالة الإرباك في التعاطي مع الأزمات الإقليمية والتي تمس الجزائر باعتبار موقعها الجغرافي، يعود لكونها ترغب فقط في منافسة المغرب الذي عاد بقوة إلى العمق الإفريقي بعد إنهاء العاهل المغربي الملك محمد السادس سياسية الكرسي الشاغر باستعادة عضوية بلاده في الاتحاد الافريقي.
وبنت الدبلوماسية المغربية التي أرسى دعائمها الملك محمد السادس التحرك إفريقيا على التناغم والتوافقات وعدم التدخل في شؤون دول المنطقة والتركيز على التنمية والاستثمار وهو أمر تحتاجه افريقيا بشدة وهو أيضا ما صنع الفارق بين دبلوماسية مغربية هادئة ودبلوماسية جزائرية مربكة في التوجه والأهداف.
واتخذ المغرب مسافة واحدة من جميع أطراف الأزمة ليس في النيجر فحسب بل في الدول التي شهدت انقلابات عسكرية وحرص على الدعوة لضبط النفس والحوار سبيلا للتسوية وأن الحلول تأتي من أصحاب الشأن بعيدا عن الاستعراضات والاملاءات.
ولم تكن العلّة في المبادرة الجزائرية بقدر ما كانت في السياسات والتعاطي الدبلوماسي مع الوضع في النيجر ومع حساسية الموقف الذي كان يتطلب من الجانب الجزائري مراعاة أمر واقع جديد له خصوصياته السياسية والأمنية.
وكان قادة عسكريون قد بادروا بعزل رئيس النيجر محمد بازوم القريب من الغرب وخاصة فرنسا، في 27 يوليو/تموز الماضي واحتجازه في مقر إقامته، معلنين أن تحركهم كان من أجل إنقاذ البلاد بعد تدهور الوضع الاقتصادي والأمني.