دفاعا عن سوريا
قادتني الأيام الأخيرة التعيسة إلى نقاش لا أحبه وهو حق الأكراد في سوريا بإقامة دولة مستقلة .. يا إلهي أهذا وقت هذا النقاش ونحن معرضون لفقدان سوريا بأكملها لصلح الدول الأجنبية المتنوعة..و الميليشيات الدينية المتعصبة كالداعشية و أشباهها…
حسنا.. لنأخذ هذه المصالح واحدة واحدة كالمسألة الكردية مثلاً .. ذلك أن الأكراد خصوصية قومية واضحة لغة و تاريخاً و أرضاً و من حقهم الدفاع عن خصوصيتهم …غير أن هذا الحق لا يعني بالضرورة ونحن نواجه كورونا التي تفتح فمها الواسع النهم لابتلاع العالم أجمع ..إضافة إلى مصالح الدول الأجنبية الكبرى ، أن هذا الحق الكردي يعني بالضرورة انفصالهم عن سوريا ..ذلك أن الأحداث التاريخية للبشر أجمعين تؤكد أنه من الممكن التعايش بين القوميات المختلفة في دولة واحدة مثل إنجلترا وسكوتلاندا وإسبانيا ومقاطعة آستونيا في الشمال الغربي وسويسرا بثلاث لغات وثلاث قوميات وغيرها …على أساس المساواة في حقوق المواطنة بين أقسامها المختلفة لغة وقومية، وتاريخنا العربي لم ينس أبدا فضل القائد البطل الكردي الأصل صلاح الدين الأيوبي في الحفاظ على التاريخ الإسلامي و الذي لم يناضل في سبيل دولة كردية مثلا وهو يصارع الغزاة الصليبين ؟!
و قد لا يتحقق إذن هذا الطموح الإنساني العادل دائماً على أرض الواقع ومن حق الأكراد عندئذ إثارة قضيتهم وفي إعتقادنا أن تواجدهم في سوريا هو أقل جوانب هذه القضية صعوبة مما هي عليه في المناطق الأخرى المجاورة إذا استطاع الأكراد في سوريا الوصول إلى مناصب عالية فقد وصل بعضهم إلى رئاسة المجمع اللغوي العلمي العربي مثل العلامة محمد كرد علي ، وآخرون إلى مراكز قيادية في الجيش السوري ورئاسة مجلس الوزراء مثل محسن البرازي كما في منصب الإفتاء الديني وغيرها من مرافق الحياة الهامة .
للأكراد إذن حقوق مثل باقي المواطنين السوريين كالتعليم والعناية الصحية وفرص العمل في وظائف الدولة وخارجها وحق السفر إلى الخارج والكتابة و نشرها و إصدار الصحف بلغتهم القومية و تخصيص برامج في الإذاعة والتلفزيون باللغة الكردية كل هذا مفهوم وبالمقابل فإن أولى واجباتهم هي الحفاظ على كيان الدولة التي ينتمون إليها بعيدا عن كل مظاهر التعصب العرقي والتطرف السياسي والإنجراف وراء بريق دعوات التجزئة التي يروج لها الأجنبي بأساليب مختلفة.
بلى …إن للأكراد في سوريا كل الحق في أن يعيشوا ضمن دولة ديمقراطية يكون فيها جميع المواطنين سواسية وأن يطالبوا بذلك حين تختل الموازين ضدهم وأن يجدوا من جميع أصحاب النوايا الطيبة كل العون والتقدير …لكن دائما بعيداً عن التعصب القومي المبالغ فيه والمؤدي إلى جنوح التفكير نحو مهاوي التجزئة والإنفصال في ظل نظام ديمقراطي حقيقي بعيداً عن احتكار الحكم و إنجرافه نحو الإستبداد لصالح أية طائفة دينية أو قومية .