دمشق العريقة تضيع
منذ سنين جاء سكان الأحياء القديمة في دمشق إلى مدرستي يطالبون بأن بيوتهم و محلات تجارتهم مهددة بالهدم قلت لهم وقتها ماذا تريدون مني فأجابوا بمطالبتي أن مشكلتهم يجب أن يكتب عنها رغبة في إبعاد الخطر عنها ، هكذا بدأت علاقتي بهم – كما أذكر – و قد نجحت وقتها في إرضائهم مع بعض الكتاب الزملاء لي، و لكن خطر الاستملاك بقي سيفاً مصلتاً عليهم و نجحنا معهم في إيقاف الهدم غير أن الاستملاك ظل خطراً ضخماً حين كانت الدولة تبدأ بناء معمل للنفايات، و أذكر أن الكّتاب البارزين زاروا المنطقة و نجحوا في إيقاف عملية تخريب الغوطة الخضراء.
و لكن قانون الاستملاك الجديد و الخطير ظل مهددا الغوطة بخراب شامل عملنا على إيقاف تطبيقه والغريب بعد كل هذه السنين الخطرة أن سيف الاستهلاك ظل مصلتا على الرؤوس و لم يعد السكان الباقون يتصلون بأحد كأنهم فقدوا أملهم نهائيا في ضياع الغوطة التي تعرضت في الأحداث الأخيرة إلى فقدان البقاء في غوطة مهددة بالزوال و لم نعد بالتالي نسمع خبرا عن الحياة النشيطة في الغوطة و قد لاحظ سكان دمشق أنهم لن يستطيعوا بعد هذه المعارك الخروج للتنزه في الغوطة .
لم يبق في هذه الأخطار المتنوعة و الفاعلة في الغوطة أن تشجع أهالي دمشق الذين قطعوا أنشطتهم في التنزه في الغوطة التي لم تعد خضراء و لم تعد ترحب بهم مثل أيام زمان.
رحمة الله عليك يا دمشق القديمة و أنت تفقدين امتيازك التاريخي كأقدم و أجمل مدينة تاريخية محاطة بالماء و الغابات المثمرة أين كل هذا الأن ؟!