سورية : حسابات وفقا لنتائج الأسابيع الأخيرة !
موجة من الأسئلة اندفعت على سطح الحرب السورية التي دخلت عامها الثامن قبل أكثر من شهر، وهذه الأسئلة أفرزتها نتائج الأسابيع الأخيرة من العمليات في الميدان، وعلى ذلك يفترض أن نتنبأ بمعطيين أساسيين :
الأول : ردود الفعل عند القوى السياسية المعارضة في الخارج، ومستتبعاتها في الداخل.
والثاني: الاتجاهات التي ترسمها الدولة السورية في ضوء تغير موازين القوى؟!
فقد انتهت معركة الغوطة الشرقية بنتائج واضحة أبرزها حسم معركة دمشق لصالح الدولة السورية، وترك ذلك آثارا سريعة على جيب القلمون الشرقي ثم على الجيب المعروف في مخيم اليرموك والحجر الأسود، ومع تقدم العمليات العسكرية جنوب دمشق ينتظر أن يتم الإعلان عن دمشق آمنة في كل اتجاهاتها..
مع هذه المستجدات، يفترض الانتباه إلى مستجدات منتظرة بدأ بعضها يتمظهر على الأرض ضمن صفوف الائتلاف المعارض والاستقالات التي تجري فيه، إضافة إلى موجة الاغتيالات التي تجري في ادلب والمعارك المتوقع اتساعها بين المجموعات المسلحة هما ، وهذا يعني أننا على عتبة إعادة تشكل للقوى السابقة ضمن عمق اقليمي محدد لتحالفات قوى المعارضة المسلحة على مستوى تشكيلاتها وعلى مستوى الاستراتيجيات المتبعة فيها.
وفي ضوء ذلك تأخذ العوامل الإقليمية والدولية أهمية كبيرة إذ كيف ستتعاطى مختلف الأطراف مع التحولات الجارية، وهل ستأخذ هذا التحولات الحرب السورية إلى محطة جديدة من الصراع أم إلى محطة جديدة من البحث عن حل سياسي تاريخي؟!
لقد اعتدنا طيلة السنوات التي مرت على أن مواقف أميركا وحلفائها في مثل هذه المنعطفات تسعى لرسم سياسة جديدة تحمل في طياتها احتمالات توسيع الفوضى وتمرير موجة من العقوبات والاتهامات التي تشكل عوامل ضغط مؤثرة .
واليوم تثير الفكرة الأمريكية بدخول قوات عربية (إذا تم ذلك) إلى شرق الفرات مخاوف من نوع جديد من الفوضى يدفع إلى تجسيد أشكال من انقسام إثني ومذهبي مدعوم من الخارج (عربيا) بشكل مباشر، ناهيك عن الحديث المتعلق بتحرك أميركي واسع في جنوب سورية يرسم لإبقاء هذه المنطقة خارج سيطرة الدولة السورية .
في إطار مثل هذه التوقعات يبرز السؤال الآخر عن اتجاهات تحرك الدولة السورية في المرحلة التالية، وسريعا نلحظ ملامح استتباع لحسم ميداني يتعلق باستكمال سيطرة الدولة باتجاه المنطقة الوسطى وشمالا وبترقب ما ستسفر عنها اجتماعات الدول الضامنة التي أكدت مؤخرا على الحل السياسي وعلى مخرجات أستنة، لكن أحدا لم يستطع تحديد الحد الأدنى الذي يمكن الاتفاق عليه بشأن الحل السياسي، وهنا، كما رأت بعض التحليلات الغربية، فإن العقبات نفسها التي واجهت مساعي الحل السياسي سابقا ستواجه أي خطوة بهذا الاتجاه الآن!
تمكنت الدولة السورية من تغيير موازين القوى شيئا فشيئا، وهذا يعني بالضرورة تغيير المعطيات المتعلقة بالحل، وعندما نراقب تحولات المعارضة المسلحة لانلمس أي تغيير بهذا الاتجاه ، وخاصة أن الرهان على عمل عسكري خارجي ظل يراود أحلام بعض رجالات هذه المعارضة وخاصة عشية الضربة العسكرية الأمريكية الأخيرة على سورية !
وما نقرأه في عناوين السياسة السورية يحمل عنوانين أساسيين يتم التحرك بموجبهما ، وكأنهما قاعدة وأساس عمل :
الأول هو حق الدولة السورية باستعادة السيطرة على الأراضي والمناطق التي خرجت خلال الحرب عن سيطرتها. والثاني أن أي حل يسعى لوقف الحرب والوصول بالبلاد إلى مرحلة جديدة دستورية وسياسية لابد أن يكون حلا سوريا بحتا !