عن الفلسفة الوجودية
من المدهش حقا ان الفلسفة الوجودية لم ينطفئ نورها إذ ما يزال النقاش حولها يتحرك كما لاحظت مؤخراً و أنا أقرأ بعض الصحف الأوروبية فوجدتني أمام هذا النقاش الذي ألخصه لكم مشاركة ضرورية ، و لو مختصراً … فالإنسان أمام الوجودية هو الكائن الوحيد الذي لا يملك القدرة على التفكير سواه في هذا الفكر، و على الأخص حين نلاحظ أن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يتدخل في تغيير ما هيئته ” كإنسان ” في مواجهة الحياة الكونية، و هكذا يبدو الانسان دوماً كائناً مختلفاً عن تكوين ذاته الاولى إذ هو الكائن الوحيد الذي يفكر جدياً و بعمق في وجود ” الحياة ” و فقدانها، و هذا ما يسمح بدراسة الإنسان على اساس ( التغير المستمر ) و ان الانسان هو المخلوق الحر و المسؤول عن وجوده مع الحيوانات و النباتات التي لا تفكر مثله.
وهكذا نلاحظ ان معنى الحرية بالنسبة للإنسان هي أن يختار بنفسه و لنفسه – كما يقول الفيلسوف الفرنسي الشهير ” سارتر “، و هكذا لا تتمثل الحرية لديه في الرغبات و العواطف ( أي المؤثرات غير العقلانية) و هذا يجعل الفعل الحر فعلاً لا عقلياً محضاً و كأنما هو مجرد تعبير تلقائي للإنسان و كأن الحرية نوع من البداية المطلقة التي يتجلى فيها ” اللامعقول ” او” المحال “. إذن و بتعبير أخر أن المعقول الوحيد للإنسان أو الممكن فهمه و تقييمه هو( الفعل الانساني الحر ) .
و من هنا لا بد من الاعتراف أنه من الخطأ القول أن جوهرة العلاقات القائمة بين الناس هو ” الحب ” او المشاركة الوجدانية و إنما هو ( الصراع ) ما دام كل إنسان يريد أن يوجد و أن وجوده مقترن دوماً بتحقيق مشروعه الخاص الذي ينطوي فيه صميمه على إنكار مشروعات الاخرين .