غزو العراق : خطورة سقوط الوطن !!
تستنكر الأوساط السياسية هذه الأيام ذكرى الغزو الأمريكي اللاشرعي للعراق قبل 20 عاما، وهي الجريمة الهوجاء التي لم تدمر العراق فقط بل زعزعت استقرار المنطقة كلها وولدت أجيالاً متنوعة من الإرهاب. وهذا الغزو شكل معنى السياسة الأمريكية القائمة على الشعور بالتعالي والعظمة والإحساس بضرورة السيادة الأمريكية على العالم والسيطرة على مقدراته والهيمنه على قراراته. هذه السياسة التي ما زالت تولد الكوارث للإستقرار العالمي وهي الأسلوب الذي ما زال ينشر الفوضى والاضطراب في المنطقة والعالم.
تنظيم القاعدة الإرهابي كان أحد نتائج عملية أمريكية في أفغانستان ضد الاتحاد السوفيتي، وما زرعته الادارة الأمريكية في (المجاهدين) الذين عملوا لصالحها ضده الوجود السوفيتي في أفغانستان هاجمها في (غزوة نيويورك) فجرح كبرياء تفوقها المزعوم و أهان عنجهيتها العنصرية. وبحس انتقامي قام بوش الإبن والمحافظون الجدد حوله بغزو العراق، و لأن (الانتقام) موجه أعمى فإن أمريكا تحركت بجنون ودون حساب أو تخطيط لليوم التالي للحرب فنجحت بإسقاط الحكم الدكتاتوري وفشلت في إدارة (حرية العراق) كما سمت غزوها. وسقط البلد العراقي في الطائفية والحروب الأهلية و إستنبات أنواع متنوعة من الإرهاب. الدول العظمى عندما يعميها الإنتقام ويفقدها بصيرتها فإنها تتحول إلى مجرم أهوج وبدائي. وهذا ما فعلته أمريكا في العراق وهو المصيبة التي أصابت المنطقة كلها.
وكما ذكرت الواشنطن بوست فإن كولن باول الذي أجبر على الكذب أمام مجلس الأمن بإدعاء ادارته أن العراق يمتلك اسلحة دمار شامل تجعل من الضروري غزوه، كولن باول هذا، هو من نصح بوش الإبن بإتباع سياسة (دمرها. . . تسيطر عليها)، وبالفعل تم تدمير العراق واهم ما دمر فيه (الوطن)، وبعدما كان العراق وطناً موحداً وناهضاً وغنياً ويعاني من دكتاتورية، جاء الغزو وبحجة إسقاط هذه الدكتاتورية أسقط الوطن العراقي ودمره وقسمه وجعل ثرواته عرضة للنهب، وأفقر الشعب ونشر الفساد والطائفيه والمليشيات فيه لدرجة أن كثيراً من العراقيين يحنون الآن إلى ايام صدام. ومع تدمير الوطن في العراق بدأت سلسلة تدمير أوطان البلاد العربية واستكمل الغزو في العراق بإشعال الفتن والإضطرابات وما سمي بالربيع العربي و تتابع إسقاط الأوطان تباعاً لتصبح المنطقة، لا دول فاشلة فقط، بل دول (عقيمة) وهذه الحالة الأخطر على مصير الشعوب العربية وأوطانهم.
الغزو الأمريكي وضع المنطقة ودولها وشعوبها وأوطانهم على طريق الفوضى. وقام بوش بغزوه بحس انتقامي لكبرياء بلاده العنصري المتكبر والمتغطرس، وسعياً همجياً للتسييد على العالم بوهم (تميز أمريكا و تفوقها) عن بقية العالم. واليوم وبعد عشرين عاماً يتوجب على العالم أن يتنبه من خطر السياسة الأمريكية التي تسعى للتسييد والسيطرة. على أمريكا أيضاً أن تفهم أن ما أصابها في العراق من فشل، وما لحق بها من مخاطر الإرهاب والفوضى، يحتم عليها أن تعود إلى ممارسة دورها الطبيعي كدولة عظمى بأن تكون قاطرة السلام والاستقرار والازدهار لا مشعلة للفتن والصراعات والحروب. غزو العراق كان جريمة بشعه و متمادية ومازال يستحق المراجعة والمحاسبة والعقاب. لأنه أسقط أوطاناً وزعزع أخرى… غزو العراق بعد عشرين سنة يجب أن يكون سبباً في صحوة العالم تجاه خطر هذه السياسة الأمريكية الانتقامية الهوجاء والمجرمة و المتمادية…